"برتقال أسود" للشاعر علي الدندح

يقتفي النص الشعري في المجموعة الصادرة حديثا للشاعر والإعلامي علي الدندح تحت عنوان (برتقال أسود) درب الحداثة والتجديد على صعيد اللغة والصور سالكاً من خلالهما طرقاً متنوعة في الشكل والمضمون والأسلوب.

 

ولكن هذه المجموعة وهي الرابعة لعلي الدندح تظهر كما يؤكد الشاعر علي جمعة الكعود في معرض تقديمه لها اختمار تجربته الإبداعية ونضجه الفني حيث يكتب بكل الأشكال الشعرية ولكنها تظهر تعلقاً مزدوجاً لطفولته ويفاعته على أرض الجزيرة وشبابه في مدينة دمشق.

 

ومنذ القصيدة الأولى في المجموعة (بانوراما) نتلمس ولع الدندح بالموسيقا والغنائية بل تكادان تكونان حاملتين للنص في تهاد جميل وسلس للعبارات فيقول..

 

“قلبي وقلبك

طائران توحدا

يتجاذبان المستحيل بموعد آت

على خبر تهافت

لاحتكار المبتدأ”.

 

وتظل الغنائية حاضرة عندما يتذكر الشاعر ماضيه القريب وطفولته في قريته الرابضة بسهول الجزيرة فيجيء نصه حافلاً بصور شفافة حالمة كما في قصيدة بعنوان (قمر القرية)..

 

“مستلقياً فوق الخفر

والنوم صادته الرعود

وبرقها

والليل يغشاه الرعود

أحسست أني مبصر

وجه القمر”.

 

ويتذكر الدندح بكثير من الأسى والحزن صديقه الشاعر عبد الناصر الحمد الذي فارقنا العام الماضي فيرثيه بنصين أولهما (بطاقة حزن لرحيل استثنائي) الذي يوغل فيه عميقاً بتفاصيل من بيئة الفرات مسقط رأس الراحل والثاني (إلى عبد الناصر الحمد مرة ثانية) الذي كتبه على تفعيلات البحر البسيط لما فيه من جزالة موسيقا ودقة إيقاع ورقة تناسب غرض الرثاء.

 

أما على صعيد الشكل والأسلوب فإن النص النثري في المجموعة يحضر بقصائد عدة منها (زعفران اليقين) ونجد فيها صوراً مجنحة وموسيقا داخلية هامسة موحية متناغمة مع المعنى وعلاقات جيدة بين الأشياء مثل (الرمل المقفى) و(عصيان الريح) (شرفة ارتجالي).

 

أما نصوص التفعيلة فحملت موسيقا خارجية جميلة إضافة إلى الموسيقا الداخلية وجاءت صورها جديدة تجنح إلى الحداثة وتطرق في بعضها للهموم الاجتماعية للناس البسطاء كما في قصيدتي (رائحة الجوع) و(تخثر) حيث يقول..

 

“من ذا يقاسمني الجوع

والشعر والصعلكة”.

 

ويعالج الشاعر في بعض قصائد المجموعة الهموم الذاتية من خلال رؤية فلسفية خاصة مثل قصيدة (صباح البرتقال) ويقدم أيضاً تحديثاً بشكل قصيدة التفعيلة كما في (قلمي) فجاءت بشكل جديد لتوزيع السطور بصورة متناغمة بين التفعيلة والقافية.

 

يذكر أن مجموعة برتقال أسود صادرة عن دار العراب للدراسات والترجمة والنشر وتقع في 101 صفحة من القطع المتوسط أما مؤلفها علي الدندح فهو من مواليد القامشلي حائز على دبلوم في الإعلام ويعمل معداً ومقدم برامج ثقافية في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون وهو عضو في اتحادي الكتاب العرب والصحفيين صدر له (نزيف القوافي) و(لا صوت للظل) و(السماوي الذي يمشي).

2021-04-14