فضاء ثقافي في «عين الفنون» يطرح قضية «الاستثمار في الثقافة»

 

اطلقت جمعية " عين الفنون " أمس ندوة خاصة بالفضاء الثقافي تحت عنوان " الاستثمار في الثقافة " في فندق الدماروز بحضور وزير السياحة "رامي مرتيني " والمستشار السياسي والإعلامية في رئاسة الجمهورية الدكتورة "بثينة شعبان" مع نخبة من الفنانين والمثقفين .


وبين الدكتور عصام التكروري: «أن مصطلح الاستثمار في الثقافة بذاته هو مصطلح إشكالي، وأيضاً في غاية من الأهمية لأن الاستثمار في الثقافة مسألة ما زالت تخطو بخطوات جداً وئيدة، وأعتقد أنها بحاجة إلى تأطير من خلال برامج يتم وضعها من خلال المثقفين أنفسهم للقيام بهذا المشروع، لأن المصطلح مهم وتفتيت المصطلح أهم ووضع خطة وطنية للاستثمار بالثقافة يأتي كأولوية، ونحن في فترة إعادة الإعمار يجب ألا نقتصر على إعادة إعمار الحجر إنما إعادة إعمار الوعي، وذلك هو العنوان العريض لمسألة الاستثمار في الثقافة، لذلك أعتقد أن ذلك المصطلح مهم والأهم وضع خطط عملية لكي نحوله إلى واقع حقيقي».


قال التكروري: «إن إعادة إعمار الوعي تبدأ من الاستثمار في الثقافة لأنها تحمي وتخلق أرضية للتنمية الفكرية ذات الطابع الاقتصادي، على النحو الذي ممكن أن نعرفه أو ممكن أن نراه بالدول الأوروبية، وأول مرة يتم تناول هذا المصطلح في سورية من قبل سيادة الرئيس بشار الأسد مشكوراً في آخر لقاءاته وأعتقد أن تناول السيد الرئيس لهذا المصطلح في هذه اللحظة بالذات تأكيد على أهمية أن يتم الشروع فيما يمكن أن نسميه فعلاً الاستثمار بالثقافة».


 أوضح الدكتور "طلال معلا "إن سورية بلد حضاري عميق في الزمن وفي حضارته لذلك عندما نقول الاستثمار في الثقافة هو استثمار لكل القيم والمعاني والممارسات الموجودة تحت هذا البند، لذلك لا بد من التداعي وهذا الموضوع طويل الأجل وعميق بالمعاني وله علاقة مباشرة بهوية الإنسان السوري وهوية المجتمع السوري، لكنه بحاجة للحوار حول التشريعات الممكنة لهذا الموضوع ونحن بحاجة حتى نعرف ما الأشياء التي يمكن أن نستثمر بها وما المردود، وكيف ستكون الشركات المستثمرة في هذا الجانب وما هي الحقوق.. حقوق التأليف والعامة لمجتمع يستثمر في الثقافة».


وختاماً قال معلا: «المسألة يجب أن تكون على رأس خطط التنمية والسياسات الثقافية الموجودة في البلد والاستثمار اليوم يوفر فرص عمل ويوفر في نفس الوقت معرفة عميقة بالمتغيرات التي حصلت في الثقافة السورية، والمعروف أن الثقافة هي شيء متحرك وغير ثابت ولذلك هناك مصطلحات جديدة دخلت ويتم تداولها على جميع المستويات».


اوضح الدكتور علي إسماعيل: «لأنني أمثل واحدة من المؤسسات الدولية التي تعنى في الحفاظ على التراث الثقافي العالمي هي (مؤسسة الآغا خان الثقافي) التي تعمل بأكثر من 52 دولة بمشاريع مختلفة من أفغانستان وصولاً إلى كندا، فإن الإطار العام الذي يحكم هذه المؤسسة هو إعادة إحياء التراث الثقافي الإنساني في أماكن مختلفة ليس فقط من إعادة الحياة للحجر والأهم من ذلك تفعيل حماس البشر والاستثمار في الثقافة ليس مسؤولية جهة واحدة بل مسؤولية الجميع من الأفراد وصولاً إلى المؤسسات، وليس مسؤولية ملقاة على عاتق الدولة ويستثنى منها الأفراد بل هي مسؤولية تبدأ من الأفراد وتتكامل مع دور الدولة».


أكد وزير السياحة محمد مرتيني: «أننا بزمن الحرب أحوج ما نكون للإضاءة على موروثنا وعلى أصل تراثنا وحضارتنا المتجذرة في هذه الأرض، لأن الحرب التي نخوضها اليوم هي منذ اليوم الأول ليست فقط عسكرية، بل إن جزءاً كبيراً منها يهدف إلى نسف كل ما يتعلق بالحضارة في الشرق وفي سورية بالذات، ودليل ذلك ما حدث في حلب القديمة وما يحدث الآن في أرياف إدلب من قلعة سمعان وصولاً للغاب، كل هذه المدن التي كانت الدولة السورية في الفترة الأخيرة تحاول بشكل جدي الإضاءة عليها وكان هناك مشاريع كثيرة تعمل على هذا الأساس، وأؤكد أن هذه الحرب ضد الحضارة وضد الثقافة السورية بامتياز لذلك نحن أحوج ما نكون ليس فقط للاستثمار بالثقافة بل لإنقاذ ما تبقى من حضارة، ونحن نقول دائماً في كل المحافل إننا نحارب لإنقاذ الحضارة في المشرق، وجزء من ذلك عندما نقول الاستثمار في الثقافة هو لإنقاذ ما تبقى، والبناء عليه وإعادة ترميم ما دّمّر في هذه الأرض في الحجر والبشر لأننا قادمون على حرب أصعب».


أوضحت الدكتورة "بثينة شعبان " «إننا في أيام القذائف بسنوات 2014، و2015، كنا نخافها بالتأكيد ولكنها تركت عندنا يقيناً أن هذه الحرب، أولاً وقبل كل شيء حرب على الهوية الثقافية الحضارية السورية، ولذلك اليوم التفكير بشكل إستراتيجي وخلاق بإعادة تشكيل هذه الهوية واحتضانها من قبل الشعب، وفي العالم العربي تنقصنا آليات العمل وكلنا لدينا نية طيبة ونريد أن نعمل، والأعمال الفردية قد تؤثر ولكنها لن تغير مجرى التاريخ، أنا مع النخبة أن تكون النخبة طليعة ولا يستطيع الناس أن يذهبوا ويعملوا الأشياء المهمة دون أن يكون هناك رؤى واستراتيجيات وخطط وتفكير، ومن ثم يتم احتضان هذا من قبل الناس ولكن الشعب العربي كله غير معتاد على دعم الثقافة».
وبيّن مستشار وزير السياحة المهندس علي المبيض: «أنه معلوم لدى الجميع بأن سورية تقع في قلب العالم القديم، كانت ولا تزال تشكل جسراً مهماً بين الشرق والغرب، وهي تمتلك مخزوناً ثقافياً بالغ الأهمية نتيجةً لتعاقب الحضارات والممالك التي قامت عليها خلال تاريخها الطويل والذي يمتد لأكثر من عشرة آلاف عام وهو متنوع ويشكل أحد مكونات الهوية الثقافية والحضارية لجميع السوريين على اختلاف مشاربهم وأطيافهم، وهو يميز سورية عن بقية البلدان الأخرى ويؤهلها لتدخل ميدان المنافسة بكل ثقة ويضعها في مقدمة صنّاع الحضارة والمدنية».


وأضاف المبيض لصحيفة الوطن : «لئن كانت الدول تسعى باستمرار للاستفادة من طاقات أبنائها وإمكانياتهم فحري بنا أن نسعى لاستثمار الثقافة بمفهومها المطلق والواسع والتي تعتبر من أهم عوامل الجذب السياحي السوري وإقامة مشاريع استثمارية وتنموية تخلق فرص عمل وتنعكس بالتالي على زيادة دخل المواطن ورفد الاقتصاد الوطني من خلال المخرجات الفنية والثقافية واستثمار الإمكانات الإنسانية والخبرات والمؤسسات الثقافية العامة والخاصة وذلك عبر الرؤية الشاملة للدولة والتي تسعى لتوثيق العلاقة بالقيم وروابط الانتماء»


يذكر أن موضع الاستثمار الثقافي طرح  أول مرة في سورية من قبل السيد رئيس الجمهورية بشار الاسد اثناء زيارة وفد من اتحاد الكتاب حيث قال : «الاستثمار في المشاريع الثقافية هو الاستثمار الأكثر ربحاً لأنه يبني الإنسان المنتمي والمتسلح بالمعرفة، ويحصنه، ويؤهله ليكون قادراً على تنمية ذاته ومجتمعه ووطنه».

 

2020-03-03