عام ترامب الانتخابي يحترق ببغداد.. ما مصير أردوغان بليبيا؟


بقلم: علي نصر الله

بين ما شَهده المؤتمر الصحفي الشهير الذي عقده بوش الصغير في بغداد 2008 وما تَشهده العاصمة العراقية اليوم، إحدى عشرة سنة وأسبوعان مرّت، مارست خلالها أميركا كقوّة غزو مُتغطرسة كل أشكال الاحتلال البَغيض، القتل والنهب والمصادرة، إشعال الفتن وتحريك الدواعش وتعطيل قيام الدولة، فهل كانت تنتظر من الشعب العراقي الخضوع؟ أم استبعدت أن يَتخذ قرراً سيادياً: «بأمر الشعب.. السفارة الأميركية مُغلقة»؟

للمرة الثالثة تَستهدف القوات الأميركية فصائل الحشد الشعبي العراقي حمايةً لمُرتزقتها الدواعش، تعطيلاً للتعاون السوري العراقي ومَنعاً للتكامل بينهما، في إطار الحرب على الإرهاب الذي أنشأت تنظيماته ودعمتها، وما زالت تَحتضنها وتستثمر فيها، فهل انتظرت واشنطن من الشعب العراقي أن يُمرر لها عبثها بأمنه واستقراره فضلاً عن جرائمها بالرِّضا والصمت؟ أم إنها تَختبر صبره؟ أم ما زالت تتوهم بأن للنفخ إحياءً لدواعشها جدوى مُتاحٌ تَحصيلها؟!

الاعتصامُ المَفتوح الذي بَدأه العراقيون أمام السفارة الأميركية ببغداد رداً على جرائم واشنطن باستهداف الحشد الشعبي وبانتهاك سيادة واستقلال وطنهم، قد لا يكون إلا تفصيلاً من تفاصيل الرد الشعبي الذي تبدو مروحته مَفتوحة على خيارات مُتعددة، غير أن هدفها الأوحد طرد المُحتل، ودحر الإرهاب، وصيانة سيادة واستقلال العراق، وهو ما يُنبئ بتطورات ستتسارع، وقد لا تَكتفي بإحراق عام دونالد ترامب الانتخابي، وخصوصاً إذا ما أقدمت إدارته على ارتكاب حماقة جديدة.

حماقة الاستهداف الأميركي للحشد الشعبي العراقي تُوازي حماقة نظام اللص أردوغان بإرسال قوات إلى ليبيا، وإذا كانت الأولى قد فجّرت غضب العراقيين بوجه المُحتل الأميركي، فإن الثانية ستَضع اللص على فوهة بركان الرفض التركي الداخلي والدولي الخارجي، الذي سيلفظه ويُسقطه بالتزامن مع اكتمال هزيمة مُرتزقته الإرهابيين بإدلب، وعلى امتداد الشريط الحدودي، وصولاً إلى القامشلي ورأس العين.

لا فُرصة مُتاحة لبقاء الاحتلال الأميركي بالمنطقة، إذا كان العراق سيُخرجه بالمقاومة، وإذا كان لبنان المُقاوم بات قاب قوسين أو أدنى من إجهاض مشروع استهدافه بالفراغ والتحريض على مُقاومته الوطنية، فإنّ سورية لا تَحتمله، وما استقر مُحتل فيها، دَحرت الإرهاب عن أرضها، أسقطت مُخطط الشر الصهيوأميركي، وتُلقن بهذه الأثناء العثماني الحالم والأميركي الواهم وأذرعهما وأدواتهما الدرس الأبلغ والأقوى.
نتنياهو المَأزوم، لن يبقى وحيداً بأزمته الانتخابية الحكومية ولا بمأزق خياراته الخارجية، حيث تتنازعه رغبة الإقدام على إشعال حرب تُخرجه مما هو فيه، لكنه يَخشى نتائجها، وحيث يَعني الإحجام عنها المُراوحة بالفشل المُقترن بمُذكرات الإحضار والمُحاكمة.. لن يَبقى نتنياهو وحيداً، فمن بعد زلزال العراق سيَنضم له ترامب المُهدد بالعزل أصلاً، وسيَنضم له اللص أردوغان من بعد التطورات في ليبيا، ومن بعد اكتمال هزيمة الإرهاب الذي يَدعمه ويَتبناه في إدلب.

 

2020-01-02