دخان الشمال الأبيض


بقلم: عبد الرحيم أحمد

وسط الحرائق الملتهبة في منطقتنا ودخانها الأسود الذي غطى سماءها ثماني سنوات ونيف، ظهر الدخان الأبيض في سماء منطقة الجزيرة السورية مع بدء تحرك طلائع وحدات الجيش العربي السوري لإعادة الانتشار في منطقة واسعة اختطفها الاحتلال الامريكي عنوة عن أهلها وعن تاريخهم الوطني.

أن تستعيد الدولة سيادتها على المناطق الشمالية الشرقية التي سيطر عليها إرهاب “داعش الأسود” لسنوات ومن بعده احتلال أمريكي غاشم، بهذه الطريقة الانسيابية بترحاب شعبي كبير، دليل على تجذر أبناء سورية بوطنهم وتعلقهم بتاريخهم في وجه محاولات تشويه التاريخ ورفضهم استيلاد مستقبل مشوه لهم ولأبنائهم.

محاولات الأمريكي فصل منطقة الجزيرة عن الجسد السوري عبر حملات الترهيب والترغيب فشلت بشكل كامل أمام إصرار أبنائها على انتمائهم الوطني وتجذرهم بأرضهم، فهذا الجسد عصي على التقسيم، ودولارات النفط المسروق والقمح المنهوب لن تستطيع أن تشتري انتماء أو أن تمحو تاريخاً كتبه السوريون قبل سبعة آلاف عام.. قبل أن تكون أمريكا ومعها الكثير من دول الادعاء الحضاري.

دخان الشمال الأبيض انطلق مع رفع العلم الوطني على مؤسسات الدولة في الجزيرة السورية معلناً مرحلة جديدة من حشد جهود السوريين بكافة أطيافهم تحت راية الجيش العربي السوري لمواجهة العدوان التركي والأطماع الأردوغانية الاحتلالية لمناطق في شمال البلاد التي بدأها بحملات تهجير لسكان المنطقة وإحلال أدواته الإرهابية مكانهم.

قالتها الدولة السورية مراراً أن رهان البعض على الأمريكي لا يعني رهان الشعب وأن أوهام الانفصال لا حياة لها على أرض الواقع فهي سراب في صحراء واليوم يؤكد الشعب ما قالته الدولة.. لا تعنينا أوهام المتوهمين ولا خططهم ولا ارتباطاتهم.. وأننا في حل مما أرادوه، فنحن لسورية وسورية لنا كما حفظناها أباً عن جد ودفعنا لأجلها التضحيات.

لقد علم السوريون العالم رسم الحرف وفنون الزراعة والسلام واليوم يعلمونه أن إرادة الشعوب هي الأقوى والأبقى وأن التاريخ الذي كتبه الأجداد بدمائهم لا يمحوه دخانهم الأسود ولا دنانير ذهبهم، فذهبنا أصفر وحريرنا أبيض وإرادتنا فولاذ دمشقي.

2019-10-16