يجمع العلماء على الأهمية التاريخية الكبيرة لمدينة أوغاريت الأثرية التي تحتل موقعا متقدما بخارطة الحضارات القديمة في الشرق رسخت عبرها مكانة مسيرة سورية الثقافية والحضارية.

“أوغاريت ودورها الحضاري” كان عنوان المحاضرة التي ألقاها الباحث الدكتور علي القيم في ثقافي أبو رمانة مساء أمس بمناسبة مرور تسعين عاما على بدء البحوث الأثرية في هذه المملكة مبينا خلالها أن أهم ما اكتشف في أوغاريت هو أبجديتها التي تعتبر ثورة اختصرت الإشارات المسمارية الكتابية من 600 إشارة إلى 30 حرفا أبجديا باتت أساس الأبجدية العالمية.

وأشار القيم إلى أن اللغة الأوغاريتية تدرس منذ عقود زمنية عديدة في جامعات عالمية كثيرة وأصبح لها علمها الخاص المعروف دوليا باسم أوغاريتولوجيا إضافة إلى مجلة عالمية خاصة بها هي أورغاريتيكا كما اكتشف في أوغاريت بحسب القيم حوالي ثمانية آلاف رقيم مسماري تتضمن أساطير وأدعية وآدابا ونصوصا شرائعية وعقودا اقتصادية وتجارية وصناعية ما يدل على غنى هذا الموقع وتنوع الحضارة فيه مبينا أن بعض النصوص الحورية والآكادية التي اكتشفت في مواقع عدة جرى تدوينها بالأسلوب المسماري الأبجدي الأوغاريتي.

وأضاف القيم: “النصوص التي تم العثور عليها في أوغاريت “رأس شمرا” ما زالت تثير الدهشة والإعجاب حتى اليوم وتتضمن الأساطير والطقوس الإدارية والأبجديات والتمارين المدرسية والقواميس وطبعات الأختام كما أنها شكلت أقدم أدب أبجدي في العالم القديم”.

وأوضح أن لغة أوغاريت هي الأكثر قربا إلى اللغة العربية وأن سكان اللاذقية مازالوا حتى اليوم يستخدمون في مفرداتهم كلمات تعود في أصولها إلى اللغة الأوغاريتية موضحا أن وثائق ونقوش القصر الملكي الأوغاريتي تدل على العلاقات التجارية التي كانت قائمة بين مصر وسورية وبلاد الحثيين والحياة الاجتماعية والإدارية في تلك الحضارات كما تعكس الرسائل المتبادلة بين كبار الموظفين في أوغاريت مدى الاهتمام بزراعة الحبوب وشجر الزيتون وتربية الأبقار والأغنام والطيور الداجنة وتقدم صناعة الغزل والنسيج والبرونز والمعادن الأخرى.

وختم القيم بالتأكيد على أن المكتشفين الآثاريين عثروا في أوغاريت على أنشودة العبادة الأوغاريتية لإله القمر وعلى أقدم سلم موسيقي إضافة إلى وثيقة تصف ظاهرة كسوف الشمس بشكل دقيق وبكامل تفاصيله.

وعرض خلال المحاضرة فيلم وثائقي من إعداد الدكتور القيم وإنتاج المؤسسة العامة للسينما تناول الحضارة الأوغاريتية مع عرض صور للمكتشفات الآثرية التي تميزها.

يذكر أن الدكتور علي القيم باحث آثري متخصص مارس العمل الأثري من خلال دورات تدريبية عديدة ومثل سورية لدى بعض البعثات وله ما يقارب خمسين مؤلفا إلى جانب آلاف المقالات والدراسات المنشورة.