الإعلام الغربي وصمت القبور


بقلم : عبد الرحيم أحمد


تعودنا أن تتحفنا وسائل الإعلام الغربية مع تسريب أي معلومة أو وثيقة حول سورية بتحقيقاتها المطولة عن المعلومة ومُسَرِّبِها ومضمونها وتداعياتها، وتعودنا أن تغرقنا تلك الوسائل الإعلامية بمقاطع فيديو سحبتها من منصات التواصل الاجتماعي لتبني عليها قصصا وروايات.

اليوم يصيب هذه الوسائل صمت القبور.. فلا هي سمعت بالوثيقة المُسَرَّبَة من أحد محققي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية الذين حققوا في مزاعم الهجوم الكيميائي في مدينة دوما بتاريخ 7 نيسان 2018، ولا هي اهتمت بمضمونها الذي يثبت زيف استنتاجات المنظمة الدولية ويوثق عملية تزييف متعمدة جرى تنفيذها خدمة لأجندات واتهامات الولايات المتحدة التي شنت مع كل من فرنسا وبريطانيا عدواناً ثلاثياً ضد سورية بتاريخ 14 نيسان 2018 تحت هذه الذريعة.

ولولا بضعة اعلاميين مستقلين لما سمع أحد بهذه الوثيقة المسربة، فأنظار الإعلام الغربي تتجه نحو الخليج مسرح الحرب الجديدة التي يرسم لها شيطان السياسة الأميركية جون بولتون ويخطط لها العدو الإسرائيلي.. ولا شك أن الإعلام الغربي مشغول اليوم بالبحث عن لقطة على «اليوتيوب» من منطقة الخليج يبني عليها روايات وقصصاً تدعم خيار الحرب وتروّج له!!!.

بالعودة إلى الوثيقة المسربة فإنها تشكل فضيحة كبرى لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية والدول التي شنت العدوان ضد سورية وللدول الراعية لتنظيم الخوذ البيضاء الإرهابي الذي شكل عناصره طاقم التمثيل في مسرحيات الكيميائي في سورية على مدى سنوات.

فالوثيقة تشير بقوة إلى أن اسطوانات الغاز المفترضة الموجودة في المباني التي تم قصفها في دوما، لم يتم إسقاطها بواسطة الطائرات على تلك المباني، فطريقة وجودها ببساطة غير متّسقة مع فكرة أنها ألقيت من الطائرات واخترقت سقف المبنى حيث تم العثور عليها!! والسؤال هنا من وضعها اذاً؟ ولماذا خرج فريق منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في تقريره بدعم فرضية إلقاء الاسطوانات من الجو متّسقاً مع الاتهامات الأميركية؟!!

هذه الفرضية هي التي بُنِيَت عليها الاتهامات للدولة السورية باستخدام الغاز ضد المدنيين في دوما، وعندما تأتي الوثيقة من أحد محققي الوكالة ليقول إن هذه الفرضية غير ممكنة مع حالة الاسطوانات فإنه ينسف الاتهامات من أساسها ويلقيها في ملعب أصحاب الاتهام لأن الأمر بلا شك يفترض رواية أميركية مركّبة ومسرحية تم تمثيلها.

منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لم تنف الوثيقة المسرّبة وأعلنت أنها فتحت تحقيقاً داخلياً في عملية تسريبها الأمر الذي يؤكد صحتها، وبالتالي كذب المنظمة وكذب الدول التي اعتدت على سورية تحت هذه الذريعة.. إنها فضيحة من العيار الثقيل تستوجب من المنظمة تقديم الاعتذار للشعب السوري وتستوجب من مجلس الأمن الدولي محاكمة المتورطين في تركيب هذه المسرحية دولاً وأدوات في محكمة العدل الدولية في لاهاي.

والإعلام الغربي الذي يدّعي الاستقلالية والموضوعية مطالب اليوم بأن يعيد النظر في كل ما نشره استناداً إلى الاتهامات التي سوّقها تنظيم «الخوذ البيضاء» الإرهابي، لا أن يغمض عينيه ويلتزم الصمت.

 

2019-05-22