عندما يدعي القاتل حماية الضحية


 بقلم: عبد الرحيم أحمد


وقاحة الأمريكي عندما يتحدث عن حماية المدنيين وحقوق الإنسان في العالم لا تعادلها سوى وقاحة كيان الاحتلال الإسرائيلي عندما يتحدث عن الديمقراطية وعن القانون الدولي.. فكيف للقاتل أن يسن قانون حماية الضحية؟ وكيف لمنتهك القانون الدولي أن يدعي الحرص عليه؟.

لعل الوقاحة الأمريكية تجلت في أبشع صورها عندما مرر مجلس النواب الأمريكي قبل أيام مشروع قرار بفرض عقوبات جديدة ضد سورية وشعبها تحت اسم «قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين لعام 2019»، هذا القرار(القانون) الذي يتلطى خلف عنوان انساني يفرض اجراءات اقتصادية عقابية ضد المدنيين السوريين من خلال معاقبة كل من يشارك أو يساهم في إعادة إعمار وبناء قطاعات الطيران المدني والبنوك وحوامل الطاقة من وقود وكهرباء.

فآلة الحرب الأمريكية دكت بشكل مباشر مدينة الرقة وجعلتها انقاضاً.. وادوات واشنطن الإرهابية التي دمرت وفجرت على مدى ثماني سنوات آبار النفط ومعامل الغاز وخطوط الكهرباء ومحطات التوليد، لم تكن كافية لإشباع غريزة التدمير الأمريكية، فعمدت واشنطن إلى استصدار قانون الغاب الجديد لمنع سورية من النهوض والتعافي الاقتصادي بعدما انتصرت في الحرب وكسرت شوكة العدوان.

ومن يدقق في تفاصيل القرار الجديد يلاحظ أنه موجه لاستنزاف الاقتصاد السوري وحرمان السوريين من ممارسة حقهم بالحياة الطبيعية بعد كل الدماء التي ضحوا بها فداء لوطنهم، كما يهدف إلى ابتزاز الدولة السورية للحصول على تنازلات فشلت في الحصول عليها في الميدان.

أن يضع القاتل قانون حماية الضحية هي مفارقة العصر لكنه قانون الغاب الأمريكي الذي تتفرد به الولايات المتحدة الأمريكية. وهذا القاتل ربما نسي أن الشعب السوري الذي صمد سنوات ثمان في مواجهة أكثر من ثمانين دولة ومئات الآلاف من المرتزقة التكفيريين في حرب مفتوحة كان الميدان والاقتصاد والسياسة والإعلام مجالها.. لن ينكسر مجدداً وسينتصر بفضل وعيه لما يحاك له.. لطبيعة المعركة المركبة.. وعيه لحقيقة أن انكسار المشروع الأمريكي في الميدان السوري سيولد حروباً من نوع آخر إحداها الحرب الاقتصادية.

صحيح أن الحرب الاقتصادية التي بدأت تلقي أثرها على حياة الناس مؤلمة، لكنها لن تكون أقسى من حروب الميدان العسكرية التي قدم فيها السوريون فلذات أكبادهم وما تراجعوا وما هانت إرادتهم أو عزيمتهم.. وسورية قادرة في ميدان التحدي الاقتصادي أن تتجاوز ما يخططون له بقدراتها الذاتية وبمساعدة الدول الصديقة.. و»قانون قيصر» عمره أشهر إن كتبت له الحياة أصلاً.

2019-01-30