حرائق ترامب المتنقلة.. استثمار بالموت ومتاجرة بمصير الشعوب

بقلم: ديب علي حسن


كأن العالم كان ينقصه المزيد من الويلات والحروب والدمار، حتى جاءت إدارة الرئيس الأميركي ترامب لتثبت ومن جديد أنه ما من مأساة في هذا الكون إلا وتقف وراءها سياسة رعناء تخرج من البيت الأبيض تتدحرج حيث استطاعت أن تصل، حاملة معها الموت والدمار والقتل والتشريد، وفوق هذه المآسي كلها، وعلى (البيعة) المزيد من الضخ الإعلامي المتاجر بكل شيء، والحزمة من المصطلحات التي تصلح لكل زمان ومكان، جاهزة، حرية، ديمقراطية، حق تقرير مصير، استقلال، دعوا الشعوب تقرر مصيرها بذاتها، وكل ما في قائمة الزور والبهتان هذه جاهز للاستعلام، لا يصدأ ولا يبلى، وجوقة المطبلين حاضرة تردد وعلى الفور تندفع نحو المزيد من كيل التهم.

لنراقب المشهد اليوم، الشرق الأوسط حيث بدا العجز الأميركي واضحاً بكل ما حاول فعله وتمريره خلال الحرب العدوانية على سورية، ومن قبلها العراق، إلى ما يصدره ترامب من قرارات تارة يزج بها بقوة، وتارة أخرى على مضض وحسب التسعيرة التي يريدها أن تكون، يسحب قوات احتلاله، لا يسحب، يتريث، أم لا، هذه ليس ارتباكاً كما يحلو للبعض أن يسميه، هو مزاودة واستثمار في الموت والقتل والدمار، ومع كل ساعة إن صحت عزيمة سحب قوات احتلاله يضخ المزيد من المطالب، وعلى من يمول أن يدفع، لا يهم غير ذلك.

ومن المنطقة إلى فنزويلا حيث أعدت المؤامرة بليلة سوداء، وحيكت بروية وهدوء وتحت شعارات مزيفة يتاجرون بها، والغريب في الأمر أن بعض الدول الأوروبية التي تقمع مواطنيها وتسحقهم وتزج بالآلاف من قواتها الأمنية لمواجهتهم، تتحدث عن الحريات والانتخابات وحقوق الإنسان، وكأن العالم لا يرى ولا يسمع، معادلة لا يستقيم معها قول إلا إنها نفاق وازدواجية معايير، وحين تفلس أدواتهم العسكرية، لا يجدون إلا المزيد من الحصار الاقتصادي وتضييق الخناق على الشعوب التي لا تظهر الولاء والطاعة لمخططاتهم الاستعمارية.

الشعوب التي يدعون أنهم يدافعون عنها، يعملون على قطع كل أسباب الحياة عنها إن استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، وعلى الفور يسنون التشريعات والقوانين عبر مجالسهم ومؤسساتهم التي يظنون أنها تتحكم بالعالم، وما يكاد يخرج صوت من واشنطن حتى يجد صداه تصفيقاً ومسارعة في عواصم التبّع الغربيين، وهم من يدعون أنهم مركز العالم الحضاري والثقافي، العالم كله اليوم مطالب بوقفة حق وتضامن مع الشعوب التي تقاوم مخرز العدوان، والواعي يقول: إن ما عجزوا عنه خلال عقود من الزمن وبقوة وغطرسة القوة، لن ينالوه مهما ضيقوا، فللشعوب قدرتها على اجتراح الحلول والمعجزات حين تستثمر طاقاتها الكامنة بوعي وقدرة على الرؤية والاستبصار.

2019-01-29