ضحايا المسجدين.. عالم بلا ذاكرة!

 

بقلم: أحمد ضوا

هز الاعتداء الإرهابي على مسجدين في نيوزيلندا ضمير العالم الذي انبرت جميع دوله حتى التي تغذي الفكر المتطرف والعنصري لإدانته والتعبير عن تعازيها لأهالي الضحايا والدعوة إلى مواجهة هذا الفكر.

أيام ويضاف هذا الاعتداء الإرهابي إلى قائمة طويلة من أمثاله وتذهب كل الدعوات لمواجهة الفكر المتطرف أدراج الرياح إلى أن يقع اعتداء آخر ويعيش العالم اهتزاز الضمير والحالة ذاتها دون أن يفعل شيئاً لمنع تكرار مثل هذه الأعمال الإرهابية، الأمر الذي أدى إلى اتساعها وانتشارها.

ليس من باب المصادفة غياب أو تغييب التفاعل الدولي من أجل الحد من هذه الأعمال الإرهابية، فمنظرو الأفكار العنصرية ودعاة الفكر المتطرف ومشغلو الإرهاب يعلنون عن أنفسهم ولا ضير لديهم في اعتبار معتنقي هذه الأفكار معارضة مسلحة ودعاة حرية وديمقراطية وسلام ومرشحين لحصد الجوائز ومنها (نوبل للسلام).

لا يختلف من الناحية الإجرامية والفكرية السفاح (رينتون تارانت) مرتكب مذبحة المسجدين في نيوزيلندا عن مثيله مرتكب مجزرة مدرسة المدفعية بحلب المجرم إبراهيم اليوسف، ومنفذ مذبحة الحرم الإبراهيمي باروخ جولدشتاين في مدينة الخليل الفلسطينية عام 1994 وعن شمعون بيريز المشرف على قصف ملجأ للأمم المتحدة في بلدة قانا اللبنانية في عدوان عناقيد الغضب ما أدى لمقتل مئات النساء والأطفال، ولا عن جنرال المجازر ارئيل شارون (قبية) عام 1953 وصبرا وشاتيلا 1982 وجنين 2002 والقائمة تطول.

وأيضاً لا يختلف السفاح رينتون تارانت عن المستوطنين الذين أشعلوا النار في منزل عائلته في قرية دوما جنوب مدينة نابلس في الضفة الغربية عام 2015 ولا عن ديلان ستورم روف مطلق النار أثناء الصلاة في كنيسة بمدينة تشارلستون في ولاية ساوث كارولينا الأميركية ما تسبّب بمقتل 8 أشخاص، وعن البغدادي والجولاني والمحيسني وزهران علوش…الخ الذين ارتكبوا أبشع الجرائم الإرهابية بحق السوريين وصنفهم الغرب في قائمة المعارضين المسلحين!!.

ولا يختلف الإرهابي (تارانت) أيضاً عن قادة الدول التي تدعم وترعى الفكر المتطرف والتنظيمات الإرهابية والعنصرية وتشن الحروب مختلفة الأشكال على الدول والشعوب لتحقيق مصالحها القومية وتأتي في مقدمة هؤلاء قادة الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وكيان الاحتلال الصهيوني وأدواتهم في العالم وخاصة حراس الفكر الوهابي المتطرف.

من حق السفاح (رينتون تارانت) أن يحلم بالحصول على جائزة نوبل للسلام!!!، ألم يحصل على هذه الجائزة شمعون بيريز صاحب السجل الدموي بحق الفلسطينيين والعرب؟! وباراك أوباما المشغل العلني للتنظيمات الإرهابية في سورية والعراق ومصر وليبيا..الخ ؟!، و(مناحيم بيغن) رئيس وزراء إسرائيل مؤسس منظمة (إرجون) الإرهابية التي نفذت مذبحة دير ياسين بحق الفلسطينيين؟! وإسحاق رابين رئيس وزراء إسرائيل الذي أمر جنوده بكسر أيدي وأرجل الأطفال الفلسطينيين في انتفاضه عام 198؟!.

في العقود الأخيرة ازدادت نسبة الأعمال الإرهابية الفردية القائمة على أفكار متطرفة دينية وعنصرية وهذا دليل على عدم قرن القول بالفعل على المستوى العالمي لجهة مواجهة الفكر المتطرف والعنصري الأمر الذي يعكس حقيقة استراتيجية وتفكير بعض القوى الدولية ذات السمعة الاستعمارية والتسلطية والتي تستثمر في توظيف معتنقي هذه الأفكار لخدمة أجنداتها العدوانية وهو ما بدا واضحاً في رعاية ودعم الولايات المتحدة وحلفائها للتنظيمات الإرهابية في المنطقة بشكل خاص والعالم عامة.

لن يطول الوقت حتى يتكرر حادث مدينة (كرايست تشيرش النيوزيلندية) في مكان آخر من العالم ما دامت الإرادة الدولية غائبة ومعطلة عن مواجهة الفكر المتطرف والعنصري والمسؤولية تقع على بعض ذارفي دموع التماسيح من مسؤولي العالم وقادته ومنظريه على ضحايا المسجدين.

 

 

2019-03-17