وينقشع الغبار..!!

بقلم: علي قاسم

اعتاد رئيس حكومة الكيان الصهيوني إثارة الغبار بعد كل زيارة يقوم بها إلى روسيا وهو ينتج في الغالب عن افتراءات، بعضها متخم بالأمنيات الخادعة التي تفيض عن الحاجة، لكن نفي وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الحاجة إلى تشكيل مجموعة أخرى لحل الأزمة في سورية في ظل وجود منصة آستنة، جاء رداً قاطعاً على الكثير من المقولات الكاذبة التي درجت إسرائيل على تسويقها، وكنموذج يصلح للمحاججة على جملة الأكاذيب التي درجت على ألسنة الإسرائيليين وغيرهم، في وقت تبدو الوقائع في مسار مغاير إلى حدّ التعارض مع كل ما يروج له من منظومة العدوان.

فالكثير من تلك النماذج سبق أن تمّ الأخذ بها أو التسويق لها من منطلق النيات الطيبة كما يقال، رغم ما يشوبها من مغالطات تبدو إلى حدّ بعيد سياقاً تنمو على هوامشه جملة من الأفكار والمعطيات التي تصح فيها مقولة الجهالة التي يصاب بها الكثيرون، خصوصاً ما يتعلق بالمداولات الجارية حول المقاربات الأخيرة المتعلقة بالحلول المتاحة والآفاق القائمة، ونقاط التقاطع والاختلاف على ضوء ذلك.

لسنا بوارد استعراض ما تمّ ضخه من أكاذيب، وقد حفلت مقاربة منظومة العدوان حول الأزمة في سورية بما لم تتعرض له أزمة في الكون، نظراً للحالة المركبة والصعوبة التي تعترض مسالكها السياسية نتيجة المحاولات المستميتة للتضليل واللائحة الطويلة من المراوغة المزدوجة على مقاس الأطماع القائمة، والتي تفرد بها التركي والإسرائيلي ومعهما الأميركي.

لكن من المفيد أن نحصي هنا ليس لتعدادها، إنما لفهم السياق الذي ينفذ من خلاله مروجو تلك الأكاذيب التي تعتمد على غياب الرواية البديلة عادة، رغم أن بعضها لا يحتاج إلى ما يدحضه، بحكم أنها تدحض نفسها بنفسها، وأغلب الأحاديث التي بنيت على ذلك الغياب تعاني خللاً بنيوياً فاضحاً بحكم تعارضه مع البديهيات التي تحكم الموقف هنا أو السياسة هناك.

فالحل السياسي المنشود يمتلك منصة واضحة، أثبتت نجاعتها وقدرتها على تحقيق اختراقات في وقت بدت كل الخيارات الأخرى عاجزة، وكانت أقرب إلى الإعاقة واختلاق العقبات في وجه أي حلّ، وهو ما بات منصوصاً عليه حتى في الخلاصات النهائية التي أقرت بمحدودية مساهمتها، بينما البعض الآخر كان يفصح عن وجهه التفخيخي من دون الحاجة إلى من يظهره.

في المبدأ.. ثمة الكثير من المعطيات المتأرجحة التي تحتاج إلى الحسم، وخصوصاً في ظل هذا التغوّل غير المسبوق في الكذب والتضليل والمراوغة، بدءاً من الإسرائيلي وليس انتهاء بالأميركي مروراً بالتركي، وإن كان لكل طرف أكاذيبه الخاصة وطريقة تضليله التي تشبهه، وربما وحدها العدوانية يتطابق الثلاثي في ممارستها، وإن تباينت الوسيلة.

في الحصيلة نحن أمام انقشاع الغبار رغم الإصرار على المضي بالتقولات التي تعكس جزءاً من تمنيات تنحسر وأحلام تندثر، أكثر مما هي تحاكي الواقع، بدليل أن المحاولات التي تجري على قدم وساق، تهدف إلى إعادة توصيف الواقع على نسق من الاصطفاف السياسي الخادع والكاذب والمراوغ وفق حسابات ومعادلات فاشلة، تعكسها حالة التعثر في المشروع الإرهابي والخلط بين الأجندات وتضارب الرؤى والأهداف، وصولاً إلى الإفلاس الذي يتحكم بثلاثي المنظومة داخلياً وإقليمياً ودولياً.

2019-03-05