انسحاب.. لا انسحاب

بقلم: عبد الرحيم أحمد

في كل يوم يطالعنا مسؤولو الإدارة الأميركية بتصريح وعكسه، ومع مطلع كل نهار يتاجر الأميركي بقضايا الشعوب ومصائرها.. بالأمس أعلن الرئيس دونالد ترامب أنه لم يغير مسار الخروج الأميركي من سورية، لكنه في الوقت ذاته أعلن عن إبقاء بضع مئات من قواته المحتلة في سورية مناقضاً بذلك تصريحاته السابقة بأن الخروج الأميركي سيكون كاملاً.

لماذا يتراجع ترامب عن قراره؟ أو بالأصح لماذا يعلن الإبقاء على بضع مئات من جنوده؟ لا شك أن الجواب يكمن في الخبر الذي سربته صحيفة واشنطن بوست قبل أيام عن أحد كبار المسؤولين في إدارته أن حلفاء واشنطن الأوروبيين رفضوا بالإجماع طلباً أميركياً بإبقاء قواتهم في شمال شرق سورية بعد انسحاب القوات الأميركية.

إدارة ترامب المنهزمة في سورية تريد من حلفائها الحلول مكانها لعرقلة أي شكل من أشكال الحل السوري السوري، وهذا أمر يجب أن ندركه كسوريين عاشوا الحرب على مدار ثماني سنوات، ودفعوا من دمهم وأمنهم ثمناً باهظاً لحفظ وحدة بلدهم وسيادته.. وما مسألة إبقاء بضع مئات من الجنود الأميركيين المرتزقة سوى محاولة لتشجيع الحلفاء على البقاء، أو لنقل محاولة أيضاً لطمأنة القوى المرتبطة بواشنطن والتي أصابها الهلع وانهارت معنوياتها على وقع خبر الانسحاب الأميركي واستجدت بقاء تلك القوات المحتلة.

لا شك أن الولايات المتحدة تستطيع أن تخرّب وتعرقل، و أن تمارس العربدة السياسية والعسكرية، فهي قوة عظمى ولديها من غطرسة القوة ما يمكنها من انتهاك كل الأعراف والمواثيق الدولية.. لكنها أيضاً وبعد ثماني سنوات من انخراطها في مخطط تخريب سورية توصلت إلى قناعة بأنها منهزمة أمام صمود وثبات الشعب السوري بجيشه وقيادته، وهي تتصرف اليوم على هذا الأساس مع محاولة تقليل خسائرها.

ما تقوم به واشنطن من احتجاز للمهجرين السوريين في مخيم الركبان على الحدود السورية الأردنية ومنع عودتهم وكذلك تشديد عربدتها البحرية في فرض اجراءات حصار اقتصادي ضد سورية وشعبها لا يعدو كونه شكلاً من محاولات التعويض عن خسارتها الحرب.

ويستطيع السوري بتجربته سواء أكان مواطناً أم مسؤولاً أن يدرك أن مسار الحرب يتجه نحو النهاية المتوّجة بالنصر، فمن فشل في فرض مخططه في قمة انخراطه في الحرب الإرهابية ضد سورية لن يستطيع أن يغير المسار في مرحلة أفوله وانهزامه.. وما علينا نحن السوريين سوى أن نواصل ثقتنا وإيماننا، كما كنا، بجيشنا وقيادتنا وبأن النصر بات قريباً مهما تبدلت أشكال المعركة.

2019-02-27