لا عهد لأمريكا في عهده…

بقلم :عبد الرحيم أحمد
احتفل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبيل القمة التي جمعته برئيس كوريا الديمقراطية كيم جونغ اون في سنغافورة بمرور 500 يوم له في البيت الأبيض معلناً أنه حقق إنجازات لم يسبقه إليها رئيس أمريكي!!

لا أحد ينكر على ترامب «إنجازاته» خصوصاً الخارجية منها والتي تقع بمجملها تحت تصنيف «الكوارث» بالنظر إلى نتائجها على المستوى الدولي.‏

قد تكون القمة التي جمعته أمس مع رئيس كوريا الديمقراطية هي الحدث «التاريخي» الأبرز في ولاية ترامب حتى الآن، لكن العبرة في النتائج ومدى الالتزام بها، فشرط الالتزام في العلاقات الدولية أمر بالغ الأهمية لاسيما والعالم يعيش اليوم تداعيات انسحاب ترامب (الولايات المتحدة) من الاتفاق النووي الإيراني الذي يعتبر اتفاقاً دولياً أقره مجلس الأمن الدولي بالإجماع.‏

ليس الانسحاب من الاتفاق النووي هو العهد الوحيد الذي أخلّ به ترامب، فجردة حساب صغيرة تظهر عدد «المشاكل» التي ارتكبها ترامب مع حلفائه وخصومه على حد سواء، فمن الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ إلى وقف تمويل الأونروا وفرض الرسوم الجمركية على واردات الصلب من أوروبا وكندا، إلى جدار عزل جارته المكسيك والانسحاب من اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية.‏

ولم يكن قرار ترامب نقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة سوى تعبير عن «جنون القوة» التي تحكم تصرفات رئيس الولايات المتحدة الذي لم يتورع عن اظهار غطرسته في تعامله مع نظرائه خلال اللقاءات الثنائية والعامة.‏

وآخر ما حرره ترامب أن رفض التوقيع على بيان مجموعة السبع الذي وافق عليه سابقاً احتجاجاً على تصريحات رئيس وزراء كندا، ما دفع الرئاسة الفرنسية الى القول إن «التعاون الدولي لا يمكن أن يكون رهناً لنوبات غضب أو انتقادات»، واعتبرت أن هذا «التخلي» عن الالتزامات يبرهن على قلة تماسك وقلة انسجام.‏

بالعودة إلى قمة سنغافورا فإن ما خرج منها يعطي مؤشرات ايجابية لكن الحكم في النهاية بصدق النوايا والتزام العهود التي يوقعها ساكن البيت الأبيض. وحسب تصريحات المسؤولين في طهران على العالم أن يتعلم ويتعظ من الدرس النووي جيداً.‏

قد تكون الولايات المتحدة اليوم في أخطر مراحلها، ليس على المستوى الداخلي فقط بل على المستوى العالمي أيضاً، مع رئيس متهور، لا تلزمه عهوده.‏

موسكو التي رحبت بالقمة، حذرت كذلك من أن «الشيطان يكمن في التفاصيل» وهي عبارة تظهر الشكوك في النوايا والالتزام بما اتفق عليه، فموسكو تدرك جيداً كيف تتملص واشنطن من تفاهماتها واتفاقاتها.‏

قمة ترامب- كيم وصفت بالتاريخية لكن التاريخ لايرحم وسوف يذكّرنا بمن ينقض العهود ويخلّ بالتزاماته. وعقلية التاجر التي تحكم تصرفات ترامب القائمة على الربح أو الربح، ستكرس صورة الولايات المتحدة أن…لاعهد لأمريكا في عهده.‏

2018-06-13