باختصار : تمثيل فاشل وهزلي

بقلم: زهير ماجد

رفع نتنياهو جزءا من طائرة استطلاع إيرانية بطريقة تمثيلية هزلية .. هي حكاية من يريد الاختباء وراء إصبعه، بل لتقديم نفسه كمعتدى عليه، في حين لا تتوقف طائرات التجسس الإسرائيلية في سماء لبنان يوميا ومنذ عشرات السنين.

"ضربني وبكى وسبقني واشتكى " .. من الصائب أن تروى أحداث منطقة الشرق الأوسط، كما صنعها الإسرائيلي دائما. منذ النكبة الفلسطينية ونحن أمام تكرار المشهد الذي تعتدي فيه إسرائيل، على مصر وعلى سوريا وعلى لبنان وعلى الفلسطينيين .. تضرب القوة الإسرائيلية أجساد أهل تلك البلدان، تمزقهم، ترمي أطنانها المقنبلة، تفجر تاريخاً يندب حظه كونه في منطقة مأزومة كل هذا التاريخ، ثم تشتكي، بل يسمي الإسرائيلي جيشه بجيش الدفاع، وهو لا يفوته أن يقدم نفسه كمدافع عن كيانه، وفي حساباته أن العالم بلا ذاكرة، أو كلما مر الزمان، خسر البشر قدرتهم على التذكر.

كم من طائرة استطلاع إسرائيلية طارت في سماء لبنان وسورية، لم يترك الإسرائيلي يوما إلا وكان حضوره الجوي التجسسي قائما إلى الحد الذي دفع الناس في جنوبي لبنان بإطلاق تسمية " أم كامل " على طائرات التجسس الإسرائيلية.

وبعد هذا المشهد الذي رفع فيه قطعة من طائرة إيرانية، هل يريد حشد العالم إلى جانبه في قمة قيل إن نتنياهو لم يهدأ وهو يصافح، ويناقش، وربما بينهم بعض العرب المستعجلين.

هل هي سياسة الخائف من النزال، وتاريخ إسرائيل فيها طويل واعتداءاتها لم تتوقف.. أم هي لعبة من يريد اكتشاف تأثيره على عالم لم يعد ينقصه معرفة من هو الجلاد في منطقة الشرق الأوسط ومن هي الضحية، أو بالأحرى الضحايا بلغة الجمع، باعتبار أن العرب جميعا لم يسلموا من إسرائيل، ولكل منهم نصيبه المختلف.

الواضح أنه لا يريد الاعتراف بأن له صراعا إلا مع الإيراني .. حتى إن إسقاط طائرته العسكرية فخر قواته الجوية، أصر على أن دفاعات إيران هي من أسقطتها .. تكبير الملف الإيراني سعي إسرائيلي أمام فكرة : الحرب ضد إيران وما يسبقه عادة تجييش طبيعي، والطلب من الأميركي أن يظل حيث هو في شمالي سوريا من أجل منع التمدد الإيراني باتجاه سوريا ولبنان .. والأميركي لا يختبىء وراء تواجده في شمالي سورية، وإن كان يكذب على الكرد في دعمه لهم وهو دائما قصير النفس من أجل مصالحه.

هزلية الحركة التي أداها نتنياهو لم تصب الهدف من الجموع التي يتجاوز عددها الخمسمائة وأكثر وتمثل دولا ومؤسسات وأصحاب أفكار. وهنا لا يعتقد أنه توصل إلى هدفه في التأثير على الموجودين سوى من بضعة من راقت لهم حركته، أو قدموا تضامنهم معه من باب تحصيل حاصل.

دائما تقدم إسرائيل نفسها على أنها مستهدفة، وهي التي تقدم دائما صورة الضحية التي تدافع عن نفسها، وإن كان ثمة من يقتنع بكل أسف، خصوصا وأن العرب لم يصلوا بعد كل تلك السنين التي تفصلنا عن النكبة الأولى الكبرى، من التأثير على الرأي العام بأنهم الضحايا وأن الكيان الإسرائيلي هو الجلاد الذي خرب المنطقة وزعزع كيانها وأقام وتمدد على حساب محيطه، وأنه محتل للأراضي العربية من فلسطينية وسورية ويسعى قدر المستطاع إن أتيحت له ظروف ما أن يحتل أكثر.

 

2018-02-20