سوريون وافدون من لبنان: عشنا أياماً صعبة وبلادنا تقدم كل ما تستطيع رغم الحرب والحصار
يواجه السوريون العائدون إلى البلاد من لبنان تحديات وصعوبات مضاعفة نتيجة تركهم أعمالهم واضطرارهم للنزوح بسبب العدوان الإسرائيلي المتواصل على لبنان.

المعابر الحدودية شهدت خلال الأسابيع الماضية منذ بدء العدوان الإسرائيلي على لبنان وصول آلاف الأسر السورية معظمهم أطفال ونساء، أغلبهم في حالة من الذعر والخوف، والعديد منهم يعاني إصابات نتيجة القصف الوحشي الإسرائيلي الذي طال معظم المناطق اللبنانية.

العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان أجبر عدداً كبيراً من السوريين على العودة إلى وطنهم، حيث روى بعضهم ما واجهوه من تحديات كبيرة تبدأ من ترك ما جنوه خلال عملهم وراءهم في لبنان، إذ لم تسمح لهم ظروف العدوان على لبنان بلملمة أشيائهم وحاجياتهم من جهة، ومن جهة ثانية كان المطلوب منهم الإخلاء الفوري خشية من أي عدوان إسرائيلي يستهدفهم.

قسوة المشهد جراء العدوان الصهيوني الغاشم الذي طال البشر والحجر في لبنان دفعت بالسيدة خلود السعدي، وهي أم لثمانية أطفال إلى ترك كل شيء خلفها والعودة إلى سورية للحفاظ على حياة أبنائها، حيث اجتازت مسافات طويلة سيراً على الأقدام برفقة أبنائها، تقول : ” كانت أصوات القذائف  والصواريخ التي تسقط على لبنان ترعبنا ،وكلما اشتدت الضربات كانت تحفزنا على السير بسرعة للوصول إلى الأراضي السورية حيث الأمن والأمان “.

وتضيف خلود: “نحن مستقرون في البقاع اللبناني منذ سنوات طويلة و يعمل زوجي هناك وانتقلنا للعيش معه، كنا مرتاحين، لكن ما إن بدأ العدوان حتى تغير كل شيء، لم نعد نستطيع العيش، أطفالي يبكون طوال الليل بسبب سماع أصوات الصواريخ والقذائف، اعتقدنا أن الأمر لفترة قصيرة لكن الأمور تتصاعد يومياً والوضع يزداد سوءاً، ما دفعنا إلى حزم أمرنا وقررنا العودة إلى سورية رغم صعوبة الطريق بعد استهداف كيان الاحتلال للطرق المؤدية إلى المعابر السورية لمنع المواطنين من الدخول إلى سورية”.

الشاب سليم الفارس يقول : “عندما وصلت إلى المعبر شعرت بالأمان، حيث جهز القائمون على المعبر كل الترتيبات بدءاً من الهجرة والجوازات وصولاً إلى تأمين وتوفير كل متطلبات الأولاد من غذاء ورعاية”.

وفي السياق ذاته، عبرت السيدة المعمرة ذكية خالد السعدي والمقيمة في لبنان عن سعادتها بالوصول إلى سورية بعد ليال قاسية ودامية عاشوها نتيجة العدوان على الجنوب اللبناني.

عدد من الأهالي الواصلين إلى جديدة يابوس داخل الأراضي السورية أعربوا عن امتنانهم للجهود التي تبذلها الحكومة السورية من ناحية تقديم جميع التسهيلات المتوافرة للعودة بأمان رغم ظروف الحرب الإرهابية الطويلة على سورية.

وأشار بعض الوافدين إلى أن سورية التي يفرض عليها حصار اقتصادي خانق من قبل الدول الغربية أثر على معيشة السوريين تعمل جاهدة على تأمين متطلبات الحالة الطارئة لعودة السوريين من لبنان، سواء عبر تأمين مستلزمات أولية لتأمين استقرارهم المبدئي أو من خلال الدعم اللوجستي والطبي لهم عبر المعابر السورية.

وتعاني سورية من جراء حرب إرهابية طويلة المدى استهدفت خلالها البنى التحتية والقطاعات الاقتصادية المنتجة واحتلال مناطق فيها وخصوصاً المنتجة للنفط في الجزيرة السورية، حيث نوه عدد من السوريين الوافدين من لبنان بالجهود الحكومية الميسرة والكبيرة  في إيصالهم من الحدود إلى أماكن استقرارهم رغم الإمكانيات الاقتصادية التي تأثرت جراء الحرب على سورية.

وفي هذا الصدد أشارت فخرية عبدو التي تعيش في الجنوب اللبناني منذ أكثر من 16 عاماً والأم لخمسة أطفال إلى الاهتمام الذي وجدته على المعبر، لافتة إلى أنه تم تأمين كل المتطلبات لأبنائها من الرعاية الصحية إلى التغذية وغير ذلك، بينما أشادت

نائلة محمد المقيمة أيضاً في لبنان منذ  12 عاماً بالتسهيلات المقدمة من قبل الحكومة السورية والقائمين على المعبر، لافتة إلى أنه بعد انتهاء الإجراءات تم تأمين الحافلات لنقل الوافدين إلى محافظاتهم.

فخرية عبدو ومحمد الشيخ نوها بالتسهيلات التي قدمت لهما بدءاً من إجراءات الدخول وتأمين وسائط نقلهم، بينما أشار كل من عبد الله الموسى و نائلة محمد إلى الخدمات الطبية العديدة المقدمة  وتسريع كل الإجراءات لعبورهم.

وفي السياق نفسه، بينت الدكتورة سعاد مخول طبيبة أسرة متطوعة بالهلال الأحمر في تصريح لـ “سانا ” أنها تساهم مع فريق عمل متكامل بتقديم الخدمات الصحية والطبية للوافدين من لبنان عبر معبر جديدة يابوس الحدودي ، مشيرة إلى أن أغلب الحالات التي تصل إلى معبر جديدة يابوس تعاني غثياناً وارتفاع ضغط بسبب حالات الخوف الناتجة عن ظروف العدوان على لبنان.

ولفتت الدكتورة مخول إلى أنهم يستقبلون يومياً ما يقارب 350 شخصاً من مختلف الأعمار، حيث يتم فحصهم وتقديم الإسعافات الأولية لهم.

وإلى جانب الخدمات التي يقدمها الهلال الأحمر يستمر برنامج الاستجابة القانونية الأولية بالأمانة السورية للتنمية بمساعدة الوافدين من لبنان في النواحي القانونية، حيث أوضح المحامي خالد رشواني المدير الوطني للبرنامج في تصريح مماثل أنه تم تشكيل فرق من المحامين يعمل في خمسة من المعابر الحدودية البرية السورية واللبنانية لتنظيم وتسهيل حركة دخول الوافدين، بالتعاون مع الهجرة والجوازات، ولا سيما أن هذه العائلات قد يواجهها فقدان وثائق شخصية أو عدم استصدارها.


2024-10-12