السفير الضحاك: إجراءات كيان الاحتلال لتقويض وكالة الأونروا هي امتداد لسجله الإجرامي بحق الشعب الفلسطيني
جدد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة السفير قصي الضحاك موقف سورية الرافض للإجراءات الأحادية التي يتخذها الكيان الإسرائيلي لتقويض وكالة الأونروا وحظر عملها داخل الأراضي الفلسطينية، مبيناً أن الاعتداء على القوات الدولية والمنظمات الأممية في لبنان وغزة هو امتداد لعقود من الإجرام الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، كما جدد مطالبة سورية لمجلس الأمن بالتحرك الفوري لوقف العدوان الإسرائيلي الذي يهدّد السلم والأمن الإقليميين والدوليين.

وفيما يلي النص الكامل للبيان الذي ألقاه السفير الضحاك أمس خلال جلسة لمجلس الأمن بشأن القضية الفلسطينية: يصادفُ اليوم ذكرى المجزرة الوحشية التي ارتكبتها العصابات الصهيونية بحق أهالي قرية الصفصاف الفلسطينية في العام 1948، والتي عكست أحداثُها الرهيبة عقلية الاحتلال الإسرائيلي ونهجَه القائم على القتل والعدوان، وهو نهج يتواصل حالياً مع الأجيال الجديدة من مجرمي الحرب الإسرائيليين الذين اختاروا المضي في ممارساتهم الإجرامية الهمجية وانتهاك كل المعايير القانونية والإنسانية والأخلاقية.

نعم، إن العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني لم يبدأ في السابع من تشرين الأول الماضي، بل بدأ قبل عقودٍ طويلة، والقتل اليومي والتدمير الممنهج في غزة والضفة الغربية لم يبدأ العام الفائت، بل هو امتدادٌ لعقودٍ من الإجرام المستمر الذي مارسه الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني الذي قاوم ببسالة لتحرير أرضه، وممارسةِ حقه في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة.

إن ما تقوم به “إسرائيل” من حملات مدانة ومرفوضة ضد الأمم المتحدة ووكالاتها وأمينها العام، وسعيها لترهيب ممثلي المنظمة وإسكاتهم، واستهدافهم المتعمد بالقتل، ليس إلا شاهداً جديداً على استمرار النهج العدائي لكيان الاحتلال تجاه هذه المنظمة، وهو النهج الذي بدأ قبل أكثر من سبعة عقود مع اغتيال العصابات الصهيونية لأول وسيط للأمم المتحدة إلى فلسطين وهو الكونت فولك برنادوت في العام 1948.

في هذا الإطار، تجدد سورية إدانتها القاطعة للحملة العدائية الإسرائيلية غير المسبوقة التي تشنها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وتؤكد تضامنها معه في مواجهتها، وتثمن الجهود التي يبذلها وفقاً لولايته.

كما ترفض سورية الإجراءات الأحادية التي يتخذها الكيان الإسرائيلي لتقويض وكالة الأونروا وحظر عملها داخل الأراضي الفلسطينية، والتي بلغت حد توصيفها على أنها منظمة إرهابية، وهو سلوكٌ بالغ الخطورة وغير مسبوق لا يسيء للوكالة فحسب، وإنما للأمم المتحدة بأسرها كمنظمة دولية ومحفل عالمي جامع. وتطالب سورية بحماية الأونروا وولايتها المستمدة من الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتوفير الدعم اللازم لها لتمكينها من مواصلة تقديم العون والخدمات الإنسانية للفلسطينيين في وطنهم والدول المضيفة ومنها سورية.

كما تدين سورية أيضاً الاعتداءات الإسرائيلية المتعمدة على قوات الأمم المتحدة العاملة في لبنان “اليونيفيل”، وتشدد على ضرورة الحفاظ على أمن وسلامة عناصر القوة، وكذلك أمن وسلامة بعثتي الأندوف والأونتسو بما يضمن استمرار ولايتيهما وقيامهما برصد وتوثيق الخروقات الإسرائيلية لاتفاق فض الاشتباك لعام 1974 وإبلاغ مجلسكم بها.

لقد رافقت القضية الفلسطينية الأمم المتحدة منذ نشأتها، واعتمدت منظمتنا بمختلف أجهزتها مئات القرارات التي أكدت موقفها الرافض لممارسات الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه، والمُطالبِ بإنهاء الاحتلال وانسحابه من الأراضي العربية المحتلة، إلا أن تلك القرارات لم تجد طريقها إلى التطبيق بعد أن نصّبَت الدول الغربية دائمة العضوية نفسها حاميةً لإسرائيل على حساب القانون الدولي، ومبادئ ومقاصد منظمتنا، وأمن واستقرار منطقتنا، ومعاناة وآلام أهلها.

لقد شجع الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة الأمريكية، إلى جانب بعض الدول الغربية الأخرى، كيان الاحتلال الإسرائيلي ومجرمي الحرب القائمين عليه، فأمعنوا في بغيهم، وأوغلوا في جرائمهم بحق الشعب الفلسطيني، ووسّعوا عدوانهم إلى لبنان الشقيق، وكثّفوا من اعتداءاتهم على أراضي الجمهورية العربية السورية، حتى باتت شبه يومية.

في ضوء استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على بلادي، والتي بلغ عددها حتى الـ 21 من الشهر الجاري 116 اعتداءً، فقد وجه وزير الخارجية والمغتربين في الجمهورية العربية السورية بسّام صبّاغ – قبل أيام- رسالةً للأمين العام للأمم المتحدة أوضح فيها ما تمثله تلك الاعتداءات من انتهاك لسيادة سورية ووحدة وسلامة أراضيها، وبيَّن الآثار الناجمة عن استهداف منازل المواطنين الآمنين والبنى التحتية والمرافق الخدمية المدنية والمنشآت الاقتصادية، لا بل وحتى المقرات الدبلوماسية والمعابر الحدودية، وطالبه بمواصلة بذل جهوده ونهوض الأمم المتحدة بمسؤولياتها لوضع حد لممارسات الاحتلال الغاصب، ووقف أعمال العدوان والانتهاكات الجسيمة التي يرتكبها، وضمان مساءلته عنها وعدم الإفلات من العقاب، ونتطلع لتحقق ذلك في أقرب وقت.

تؤكد سورية تضامنها الكامل مع الشعبين الفلسطيني واللبناني الشقيقين في مواجهة العدوان الإسرائيلي والجرائم البربرية التي ترتكبها سلطات الاحتلال، كما تدين الاعتداء الإسرائيلي على إيران، وتؤكد حقها في الدفاع عن نفسها وحماية شعبها وصون سيادتها.

من جهةٍ أخرى، تواصل سورية اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لاستقبال الأشقاء اللبنانيين والعائدين السوريين من لبنان، والذين قاربت أعدادهم الـ 500 ألف، وتقوم، رغم جسامة الاحتياجات وضعف الإمكانيات، بتقديم كل التسهيلات والمساعدات الإنسانية والخدمات اللازمة لهم بما في ذلك تلك المتعلقة بقطاعات الإيواء والصحة والنقل والاتصالات وغيرها، وتتطلع سورية لدعم جهودها ذات الصلة والاستجابة لنداءات الأمم المتحدة ووكالاتها في توفير الموارد للاستجابة الإنسانية الطارئة.

تطالب الجمهورية العربية السورية مجدداً مجلس الأمن بالتحرك الفوري لوقف العدوان الإسرائيلي الذي يهدّد السلم والأمن الإقليميين والدوليين، وإلزام سلطات الاحتلال بوقف جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب التي ترتكبها، وضمان المساءلة عنها وعدم إفلات مرتكبيها من العقاب.

تشدد سورية على ضرورة تنفيذ قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية في فلسطين وسورية ولبنان، وتؤكد أن جرائم كيان الاحتلال الإسرائيلي لن تثني شعوبنا عن مواصلة نضالها لنيل حقوقها المشروعة وتحرير أراضيها المغتصبة.

وستواصل سورية دعمها الشعب الفلسطيني في نضاله المشروع لإقامة دولته المستقلة ذات السيادة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس، ونيلها العضوية الكاملة في الأمم المتحدة. كما تؤكد سورية على حقها الراسخ في استعادة الجولان العربي السوري المحتل منذ العام 1967، وتحيي صمود أهلنا في الجولان السوري وتمسكهم بهويتهم الوطنية السورية، ورفضهم لكل مخططات ومحاولات الضم وفرض الجنسية الإسرائيلية عليهم.
2024-10-30