السفير الضحاك: سياسات الغرب العدائية أضرت بقدرة الأمم المتحدة على تنفيذ مشاريع التعافي المبكر ودعم الشعب السوري
أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة السفير قصي الضحاك أن السياسات العدائية لبعض الدول الغربية المتمثلة بوجودها العسكري غير الشرعي على الأراضي السورية، ودعمها الميليشيات والتنظيمات الإرهابية، ونهبها للثروات الوطنية، وفرضها إجراءات قسرية، وتسييسها للعمل الإنساني والتنموي، ألحقت ضرراً بالغاً بقدرة الأمم المتحدة على الاضطلاع بمسؤولياتها في مجالات العمل الإنساني، وتنفيذ مشاريع التعافي المبكر لدعم الشعب السوري، وذلك رغم كل التسهيلات التي تقدمها سورية للشركاء في العمل الإنساني والتنموي.

وفيما يلي النص الكامل لبيان سورية الذي ألقاه السفير الضحاك خلال جلسة مجلس الأمن اليوم حول الشأنين السياسي والإنساني في سورية: تؤمن سورية بالشراكة مع الأمم المتحدة ودولها الأعضاء، وبتعزيز التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف بما يدعم جهود الدولة السورية لتحسين الأوضاع المعيشية للسوريين وتوفير الخدمات الأساسية لهم.

وتواصل سورية تعاونها الإيجابي البناء وتقديم الدعم والتسهيلات اللازمة للشركاء في العمل الإنساني والتنموي، بما في ذلك تجديدها الإذن الذي منحته بقرار سيادي للأمم المتحدة لاستخدام معبر باب الهوى الحدودي لستة أشهر إضافية تنقضي في الـ 13 من كانون الثاني القادم، وذلك حرصاً منها على تيسير إيصال المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها من المدنيين السوريين في شمال غرب سورية.

بالتزامن، تتواصل الجهود الحكومية الرامية لتعزيز دور مؤسسات الدولة وزيادة كفاءتها، ومتابعة عملية التطوير والإصلاح الاقتصادي والإداري.. وانطلاقاً من الحرص على إنجاز الاستحقاقات الدستورية في موعدها، توجه السوريون في الـ 15 من الشهر الجاري إلى صناديق الاقتراع وانتخبوا ممثليهم لعضوية مجلس الشعب في الانتخابات التي جرت بإشراف لجنة قضائية عليا مستقلة اتخذت جميع الإجراءات اللازمة لضمان شفافية ونزاهة العملية الانتخابية.

وتتابع سورية جهودها لتيسير عودة المهجرين واللاجئين، وقد عاد المئات منهم خلال الأيام القليلة الماضية من لبنان وسط أجواء مريحة، وتم تقديم التسهيلات اللازمة لهم، الأمر الذي يثبت مجدداً زيف الدعاية الغربية في هذا المجال وابتعادها عن المصداقية.

على الرغم من التسهيلات التي تقدمها سورية، فإن النتائج التي يحققها التعاون القائم مع الأمم المتحدة ما تزال دون المستوى المطلوب، وذلك نتيجة المواقف العدائية لبعض الدول الغربية التي تمعن في انتهاكاتها للقانون الدولي وأحكام الميثاق من خلال وجودها العسكري غير الشرعي، ورعايتها لميليشيات وتنظيمات إرهابية، ونهبها للثروات الوطنية، وفرضها الإجراءات القسرية الانفرادية، ناهيك عن تسييسها للعمل الإنساني والتنموي وربطه بشروط سياسية تهدف لخدمة مصالحها على حساب أمن واستقرار ورفاه الشعب السوري.

لقد ألحقت تلك السياسات العدائية ضرراً بالغاً بقدرة الأمم المتحدة على الاضطلاع بولايتها سواء فيما يتعلق بحفظ السلم والأمن في المنطقة ووضع حد لأعمال العدوان الإسرائيلية، أو في مجالات العمل الإنساني ودعم صمود السوريين وتنفيذ مشاريع التعافي المبكر في القطاعات الأساسية التي أشارت إليها قرارات مجلس الأمن ألا وهي الصحة، والتعليم، والمياه، والكهرباء، والإيواء، إضافة إلى عمليات نزع الألغام والأجهزة المتفجرة، والتي هي حاجة ماسة لتيسير عودة المهجرين إلى ديارهم وأراضيهم وضمان أمن وسلامة السوريين.

أصدرت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا “إسكوا” قبل أيام، تقريرها حول آثار الإجراءات القسرية الانفرادية على الجمهورية العربية السورية، ويمثل هذا التقرير خطوة إضافية لفضح الآثار الكارثية لتلك الإجراءات غير الشرعية وتفنيد المزاعم التي يروج لها فارضوها، وذلك على الرغم من أن التقرير ركز على ما أسماه بالآثار غير المتعمدة لتلك الإجراءات أو الامتثال المفرط لها، والتي لا تمثل سوى قمة جبل الجليد.

إن الإفراط في الامتثال ليس هو المشكلة الحقيقية، بل إن فرض الإجراءات القسرية الانفرادية بحد ذاته، والتهديدات الغربية بفرض العقوبات على الدول والمؤسسات المالية والتجارية وترهيبها، هما جوهر المشكلة وسببها الجذري، فالإجراءات القسرية تمثل انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي ولمبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة وقرارات منظمتنا، وعقاباً جماعياً للشعوب يحرمها من مقومات الحياة الكريمة والتمتع بحقوقها الأساسية، وهذا ما أكدته المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالآثار السلبية للإجراءات القسرية على التمتع بحقوق الإنسان إيلينا دوهان في تقريرها الصادر إثر الزيارة التي قامت بها إلى سورية العام الماضي.

تجدد سورية مطالبتها بالرفع الفوري والكامل وغير المشروط للإجراءات القسرية الانفرادية، وتوفير التمويل المستدام والقابل للتنبؤ لتمكين الأمم المتحدة من تنفيذ خطة الاستجابة الإنسانية التي لم يتجاوز تمويلها حتى الآن الـ 20 بالمئة، إضافة إلى المشاريع المدرجة في الإطار الاستراتيجي الناظم للتعاون بين سورية والأمم المتحدة في المجال التنموي، والتي حجب عنها التمويل لأسباب سياسية ترتبط بالإملاءات واللاءات الغربية.

في هذا الإطار نشدد على أن تحقيق أهداف التنمية المستدامة وشعار عدم التخلف عن الركب لا يستوي وسياسات العزل والحصار والعقاب الجماعي للشعوب.

تلتزم سورية بالحوار والدبلوماسية كأساس لتسوية الخلافات السياسية إيماناً منها بأن الحوار البناء هو الأساس في العلاقات الدولية، وعليه فقد حرصت على التعامل بإيجابية مع مختلف المبادرات التي طرحت لتحسين العلاقات بينها وبين دول أخرى، وذلك لقناعتها الراسخة بأن مصلحة الدول تبنى على العلاقات السليمة وتستند إلى مبادئ محددة أساسها احترام السيادة والاستقلال ووحدة الأراضي، ومواجهة كل ما يهدد أمنها واستقرارها، بما يخدم المصلحة المشتركة بعيداً عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وسياسة الإملاءات وفرض الحلول الخارجية.

تؤكد سورية أن أي مبادرات في هذا الصدد يجب أن تبنى على أسس واضحة، ضماناً للوصول إلى النتائج المرجوة، وفي مقدمة تلك الأسس انسحاب القوات الموجودة بشكل غير شرعي من الأراضي السورية، ومكافحة المجموعات الإرهابية التي لا تهدد أمن سورية فقط، بل أمن دول الجوار أيضاً.

تجدد سورية التزامها بعملية سياسية بقيادة وملكية سورية دون أي تدخل خارجي، وفي ظل الاحترام التام لسيادتها ووحدة وسلامة أراضيها، وتؤكد استمرارها في التعاون والحوار مع المبعوث الخاص، وتتطلع إلى نجاح جهوده لعقد الجولة التاسعة للجنة مناقشة الدستور في العاصمة العراقية بغداد.

وتؤكد أن تحقيق الاستقرار في المنطقة يستوجب عدول الدول الغربية الثلاث دائمة العضوية في هذا المجلس عن سياساتها الهدامة، واعتماد مقاربات بناءة تقوم على الالتزام بالاحترام الكامل لسيادة واستقلال سورية ووحدة وسلامة أراضيها، وإنهاء الاحتلال والوجود غير الشرعي للقوات الأجنبية، ومكافحة الإرهاب، ووضع حد لجرائم كيان الاحتلال الإسرائيلي، واعتداءاته المتكررة على الأراضي السورية التي تقوض السلم والأمن الإقليميين والدوليين.
2024-07-22