أكدت المستشارة الخاصة في رئاسة الجمهورية رئيس مجلس أمناء مؤسسة القدس الدولية سورية الدكتورة بثينة شعبان أن ما يجري على الساحة الفلسطينية يلقي الضوء على معركة أخرى تدور، لا تقل أهمية عن المعركة العسكرية وهي “معركة السردية واللغة والفكر التي يستخدمها العدو الصهيوني، وكل داعميه من أجل تشويه صورة المقاومة والعرب وتبرير حرب الإبادة التي يقترفها كيان الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني”.
وأشارت الدكتورة شعبان في مؤتمر صحفي عقد اليوم خلال الجلسة الافتتاحية للاجتماع السنوي لمجلس أمناء المؤسسة في فندق داما روز بدمشق إلى أن كيان الاحتلال يشكل قاعدة متقدمة للغرب بأكمله وخاصة للولايات المتحدة الأمريكية، لأن التعاضد بينهما عضوي وتاريخي في كل المجالات، موضحة أن السردية التي تبناها الرئيس الأمريكي منذ اليوم الأول بعد السابع من تشرين الأول الماضي تحاول أن تُخرج العمل المقاوم من سياقه التاريخي وأهدافه المعلنة وتقدم تغطية ومكافأة للكيان الصهيوني على كل ما اقترفه من إبادة غير مسبوقة لشعب فلسطين شهد عليها العالم أجمع.
وقالت الدكتورة شعبان: “هنا يصبح التماهي بين الدور الأمريكي والدور الإسرائيلي أمراً واضحاً”، مشددة على أن أكثر عبارة تشبثت بها المقاومة بعد طوفان الأقصى هي “تبييض السجون وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين”، وهذه العبارة لم تذكر في الإعلام الغربي، بينما اعتبروا أن طوفان الأقصى هو مبرر للكيان الصهيوني لكي يبدأ حرب إبادة ممنهجة ومخطط لها بدقة.
وتابعت شعبان: إن الولايات المتحدة لعبت دوراً كبيرا في إجهاض أي جهد من أجل إحقاق الحق والعدالة للشعب الفلسطيني، حيث اتخذت أكثر من خمسين قرارا ومن خلال “الفيتو” في مجلس الأمن الدولي لمنع الشعب الفلسطيني من الحصول على حقوقه، لافتة إلى أن دور الغرب هو أن يكون مدافعاً شرساً عن هذا الكيان الصهيوني، وهذا ليس مستغرباً لأن تاريخ الولايات المتحدة شبيه إلى حد المطابقة مع تاريخ “إسرائيل” فهم قضوا على حضارات ثقافية عريقة وعلى السكان الأصليين واحتلوا أرضهم.
وأكدت شعبان أن العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني أثار حراكاً مجتمعياً في الغرب دعماً لفلسطين، ولم يتوان الغرب عن استخدام كل أساليب القوة من أجل إخماد هذا الحراك بما يتناقض مع كل ما يتحدث به الغرب عن حرية التعبير والرأي، مبينة أن واقع المقاومة أثبت أن الغرب لا يعير وزناً للقانون الدولي ولحقوق الإنسان ولا لأي حق يتشدق به.
وشددت شعبان على أن القضية الفلسطينية أصبحت قضية حقوق إنسان يشعر كل العالم بها، حيث إن 143 دولة اعترفت بدولة فلسطين وهذه بداية مهمة جداً، وثمرة من ثمار الصمود والمقاومة.
وقالت شعبان: إن “ما قام به المقاومون الأبطال وجبهات إسناد المقاومة شكل بداية تاريخ جديد وعلى كل شخص يؤمن بهويته ووطنه وعروبته أن يعمل على استمرار هذا التاريخ بأوجهه المختلفة، وعلى تعزيزه وعلى إغنائه بكل ما يمتلك وبالمهارة التي يتقنها، لأن حقيقة الأمر كلنا مستهدفون”.
وبينت شعبان أن المقاومين في غزة صامدون وثابتون بسبب إيمانهم بانتمائهم إلى هذه الأرض وهذا ما يجب تعزيزه’ وأن تضحيات الشعب الفلسطيني لم تذهب سداً لأن تلك الدماء الطاهرة التي أزهقت في غزة والضفة الغربية قلبت المعادلة الدولية لمصلحة القضية الفلسطينية، وأسمعت الصوت الفلسطيني لكل العالم، الأمر الذي لم نكن قادرين على فعله في ظل الاحتلال الغربي للإعلام العالمي.
وختمت شعبان كلمتها بالقول: إن طوفان الأقصى وضع حداً فاصلاً بين ما قبله وما بعده واليوم المعركة خرجت من نطاق فلسطين وهي معركة العرب وكل الأحرار في العالم.. وإن الغرب دائماً يتحدث عما يميزه عن بقية شعوب العالم ولم يكن يتحدث عن المشترك بينه وبينها، لأن عقليته استثنائية بأنه هو السيد، وأن بقية العالم يجب أن تكون في خدمته.. ويجب علينا أن نفتح صفحة جديدة، وأن نعيد الاعتبار للكثير من المصطلحات التي جعلنا الغرب نخجل من استخدامها كعبارة الأدب الملتزم أو الفن الملتزم ونحن ملتزمون بقضايانا وخاصة أن قضايانا محقة وعادلة.
بدوره أشار المدير العام لمؤسسة القدس الدولية ياسين حمود إلى العدوان الصهيوني الهمجي على قطاع غزة، بعد بدء طوفان الأقصى الذي يدخل شهره التاسع وارتكابه المجازر التي لا ترحم طفلا أو امرأة ولم تترك شيخا ولم توفر المشافي والمرافق الصحية والبنى التحتية والمدارس والمساجد والكنائس في محاولة بائسة لكيان الاحتلال لانتزاع بصيص نصر أو جرعة أمل تضع حربه الهمجية العبثية في إطار الإنجاز وتحقيق الأهداف.
وبين حمود أن الوعي النضالي والشعبي الذي رافق طوفان الأقصى أكد للعالم أن الشعب الفلسطيني لا يسكت عن الاعتداءات المتصاعدة على القدس والأقصى وأنه لم يفقد البوصلة وقادر على إيلام العدو وهزيمته، مشيراً إلى وقوف دول قوى محور المقاومة مع الشعب الفلسطيني، ما عمق مأزق الاحتلال وجعل خسائره كبيرة، ودفعه إلى مزيد من الجنون والعربدة التي تقربه من نهايته.
من جهته قدم مدير عام مؤسسة القدس الدولية سورية الدكتور خلف المفتاح عرضاً عن نشاط المؤسسة خلال عام 2023 ومواكبتها للأحداث وإحياء المناسبات وحضورها في ساحات العمل الثقافي والفكري، إضافة إلى التعاون وتعزيز الشراكة مع الفصائل والقوى الفلسطينية وسفارات الدول المناصرة لشعب فلسطين لتبقى القدس في الوجدان بوجه المحاولات الواضحة لطمس قضية فلسطين، لافتاً إلى ازدياد وتيرة العمل في المؤسسة منذ عملية طوفان الأقصى، من خلال المشاركة في الوقفات التضامنية وإصدار البيانات المعبرة عن مواقفها المبدئية من القضية الفلسطينية.
واستعرض الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة الدكتور طلال ناجي تطورات ومستجدات الوضع الفلسطيني والممارسات الإجرامية لكيان الاحتلال الإسرائيلي من قتل وتدمير وتهجير بحق الأهل في فلسطين بشكل عام وغزة والضفة الغربية والقدس بشكل خاص التي ازدادت وتيرتها بعد الـ 7 من تشرين الأول الماضي، فهناك مناطق واسعة في غزة أصبحت غير قابلة للحياة، إضافة إلى الأعداد الكبيرة من الشهداء، مؤكداً استمرار المقاومة الباسلة وإصرار الشعب الفلسطيني على نضاله ومواجهته لهذا الكيان بكل الوسائل والدفاع عن أرضه ووطنه وقضيته حتى إنهاء الاحتلال والتحرير، منوهاً بمواقف سورية الثابتة والمبدئية قيادة وشعباً إلى جانب الشعب الفلسطيني وقضيته.
من جانبه أوضح سفير دولة فلسطين بدمشق الدكتور سمير الرفاعي أن هدف العدو الصهيوني من الحرب في غزة الإبادة التي تجري بكل دقة وبشكل ممنهج والتهجير بعد تدمير البنى التحتية، إضافة إلى ما يجري في الضفة الغربية والهجمة الصهيونية عليها ومؤامرة الضم التي يسعى إليها الاحتلال وتحديداً القدس وتحت عدة مسميات تخدم مخططاته التهويدية.
وثمن الرفاعي موقف سورية الواضح والصريح من القضية الفلسطينية العادلة، مؤكداً أنه رغم كل الدعم الغربي لكيان الاحتلال ومؤامراته فإن النصر في النهاية سيكون حليفا لفلسطين وشعبها ولكل القوى التي تقف إلى جانبها.
وتم خلال الجلسة عرض فيلم عن نشاطات مؤسسة القدس الدولية سورية خلال العام الماضي، وتقديم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة درع الوفاء والتقدير للدكتورة بثينة شعبان تقديرا لدورها الوطني والقومي والتاريخي والثقافي والسياسي الداعم للقضية الفلسطينية.