الإعلام الحربي

وزارة الإعلام 

 

هيثم العايدي

“فور سيطرتهم على أي منطقة وحتى من قبل هذه السيطرة يحرص الإرهابيون على إنشاء مؤسسات إعلامية وصحف ومحطة إذاعية، وقنوات على الانترنت مستغلين كافة تقنيات الاتصال الحديثة للوصول إلى أكبر شريحة من الجمهور لنشر الأفكار وتجنيد الشباب وبث بيانات ما يصفونه بانتصارات والتشكيك في كل ما ينشر عن هزائمهم بل والمسارعة بإلصاق جرائمهم ـ”

من صفحة على موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) اشتغل القائمون عليها من ريف حلب الشرقي توسعت ما تسمى وكالة أعماق الناطقة باسم تنظيم داعش الإرهابي حتى سجلت حضورها في العديد من تغطيات وسائل الإعلام العالمية لتستشهد بها بل وأحيانا تنقل عنها وكأنها مصدر ذو مصداقية يساوي البيانات العسكرية والمصادر الرسمية.
وإذا كانت بعض وسائل الإعلام تتعمد الاستناد إلى بيانات الإرهابيين وكأنها الصدق المبين وتغافل متعمد لكل ما يصدر عن المؤسسات العسكرية لأغراض تخص هذه الوسائل وتظهر في حرصها على التقليل من شأن الجيوش سواء كان عبر استضافة من تصفهم بـ (المحللين) و(الخبراء الاستراتيجيين) أو عبر انتاجها هي بنفسها برامج ووثائقيات للتشكيك في قدرات الجيوش فإن ذلك لا يمنع من الإقرار بأن الإرهابيين فطنوا لأهمية الإعلام واستحوذوا على مساحات لا بأس بها وإن كانت قليلة في الفضائيات والصحف الا أن ملعبهم الأساسي هو وسائل التواصل الاجتماعي.
ففور سيطرتهم على أي منطقة وحتى من قبل هذه السيطرة يحرص الإرهابيون على انشاء مؤسسات إعلامية وصحف ومحطة إذاعية، وقنوات على الانترنت مستغلين كافة تقنيات الاتصال الحديثة للوصول إلى أكبر شريحة من الجمهور لنشر الأفكار وتجنيد الشباب وبث بيانات ما يصفونه بانتصارات والتشكيك في كل ما ينشر عن هزائمهم بل والمسارعة بإلصاق جرائمهم ـ ومنها استهداف المدنيين واستخدامهم كدروع بشرية أو باستخدام الأسلحة المحرمة ـ بالجيوش وقوات الأمن واذا ما انكشفت أية جريمة من جرائمهم وباتت واضحة للعيان تسارع كتائبهم الإعلامية إلى تغيير الدفة نحو خطاب المظلومية.
وبالمقابل ظل الإعلام الحربي للجيوش الوطنية لفترة طويلة على وسائله القديمة مكتفية بالبيانات العسكرية التي تتخذ نمطا واحدا في الصياغة وطريقة الإلقاء ونبرة الصوت مع البدء مؤخرا في اقتحام وسائل التواصل الاجتماعي وخوض مضمار انتاج الوثائقيات والتقارير المدعمة بالوسائط المتعددة.
إلا أن المعارك غير التقليدية التي تخوضها الجيوش في الوقت الحالي تواجه فيه عدوا متربصا على جبهتين خارجية يستهدف فيها ثغور الأوطان على الحدود وداخلية لا يتوانى عن انتهاز أية فرصة لبث سمومه سعيا لضرب الأمن والاستقرار ومنتهى أمله ان يرى مشاهد الحرب الأهلية هي السائدة.
وفي مثل هذه الظروف ما عاد الجمهور المستهدف بالإعلام الحربي يقتصر على قوى معادية نسعى للتأثير عليها أو مقاتلين نزيد من ثباتهم وصمودهم أو جمهور متخصص يسعى لمتابعة الأخبار بل دخلت شرائح أخرى بفئات عمرية جديدة ينبغي على القائمين على عملية الاتصال في الاعلام الحربي وضعها في الاعتبار.
فشباب بل وأطفال مزودون بهواتف ذكية وشبكة معلوماتية فتحت لهم ابوابا من التواصل وجعلت من مختلف الأفكار تتسلل إلى عقولهم دون طرق للأبواب لم يعد يكفيه الاستماع إلى بيانات عسكرية جافة بل يحتاج إلى صياغة رسالة إعلامية تناسب اهتماماتهم ولا تصيبهم بالملل والنفور.
ووسائل اعلام خاصة الخارجية منها إذا ما واجهت صدا من العسكريين وامتناعا عن اتاحة المعلومة بل وعدم انتهاج السرعة في الإخبار فإنها لن تجد بدا سوى اللجوء للمصادر الأخرى.
بل إن عملية الاتصال في الإعلام الحربي ينبغي أن تتعدى وسائل الإعلام لتطرق ابوابا أخرى كالأعمال الدرامية والأفلام السينمائية شريطة أن تكون عملية الإنتاج على أعلى درجات من المهنية والاحترافية كي لا يأتي مفعول الرسالة الإعلامية بآثار عكسية.. فكل جندي على ثغر من ثغور الوطن وراءه قصة زاخرة بالبطولة.

2016-12-05