تهرُّب المجتمع الدولي من مسؤولية اللاجئين

بقلم: عبد الرحيم أحمد

لم يكن المؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين السوريين الذي عُقد الأسبوع الماضي على مدار يومين في دمشق مناسبة بروتوكولية، بقدر ما كان منصةً للحوار وتبادل الأفكار في الخطوات العملية الجماعية والجهود الدولية الواجب اتخاذها لتوفير متطلبات عودة اللاجئين السوريين من مخيمات اللجوء في دول الجوار إلى ديارهم وإنهاء معاناتهم التي تستغلها بعض الحكومات والفئات وتجار العمل الإنساني في العالم.

 

فسورية التي تعتبر قضية اللاجئين السوريين في الخارج إلى جانب كونها قضية إنسانية وقضية وطنية تمس كل بيت سوري، تعتقد أيضاً أنها مسؤولية دولية باعتبارها تتطلب جهوداً دولية تسهل عودة اللاجئين، وتساعد في تأمين متطلبات العودة وإنهاء مأساتهم الإنسانية، سواء من الدول التي تستضيفهم أم من المنظمات الدولية المعنية بقضية كهذه.

 

مسؤولية بعض الدول والحكومات الغربية تنبع من كونها تورطت في دعم الإرهابيين الذين عمدوا إلى تدمير البنى التحتية في سورية، وإلى تهجير مئات الآلاف من السوريين داخلياً وخارجياً، لذلك فإن تلك الدول مسؤولة بشكل مباشر عن كل الدمار الذي لحق بسورية، وعن كل لاجئ ترك منزله، ومطلوب منها أن تدعم عودتهم بخطوات ملموسة.

 

اللاجئون السوريون الذين يقاسون اليوم في مخيمات اللجوء في تركيا ولبنان والأردن يرغبون في العودة إلى ديارهم ومناطقهم التي هجَّرهم الإرهاب منها، وعودتهم تتطلب تأمين مستلزمات الحياة الأساسية التي تسعى الحكومة السورية لتأمينها، لكن الحصار الأميركي الظالم والإجراءات القسرية الأوروبية تعرقل ذلك، وتعطل قدرات الدولة السورية على إعادة إعمار ما دمره الإرهاب، وبالتالي تأمين العودة الآمنة للاجئين والحياة الكريمة للسوريين.

 

مقاطعة الدول الأوروبية للمؤتمر وضغوط واشنطن على بعض الدول الراغبة في الحضور لا توحي أبداً بجدية تلك الدول في تولي مسؤولياتها في هذا المجال؛ بل أظهرت بشكل فاقع النفاق الغربي عند الحديث عن الوضع الإنساني للاجئين، وكشفت زيف ادعاءات الحكومات الغربية بالحرص على السوريين عموماً واللاجئين على وجه الخصوص.

 

ومن هذا المنطلق دعا المؤتمر في بيانه الختامي إلى مواصلة محاربة الإرهاب ورفع العقوبات والحصار الظالم الذي يشكل أكبر إعاقة لجهود الدولة السورية لتأمين المتطلبات الأساسية لعودة اللاجئين، وكذلك دعم سورية لتوفير السكن للمهجرين وعودتهم للحياة الطبيعية والعمل على تنفيذ المشاريع المتعلقة بإعادة الإعمار المبكر التي تتضمن المرافق الأساسية للبنية التحتية، كالمياه والكهرباء والمدارس والمشافي وتقديم الرعاية الصحية والطبية والخدمات الاجتماعية، وكذلك العملية الإنسانية لنزع الألغام.

 

سورية جادة في توفير متطلبات عودة أبنائها اللاجئين، لكن السؤال: هل المجتمع الدولي الذي يرفض حتى اليوم التخلي عن استغلال قضية اللاجئين جاهز لتغيير سياساته والقيام بدور حقيقي في هذا المجال؟ أم إنه سيبقى يصدر البيانات الرنانة من دون أي تحرك يلمسه اللاجئون، ويسهم في عودتهم إلى ديارهم؟.

2020-11-18