"ألبير" حكاية تختصر إبداع مدينة

بدأت الرواية تغزل تفاصيلها منذ نحو سبع سنوات في منطقة بستان الباشا أحد أحياء مدينة حلب.. تلك المنطقة التي تحدت عجلات معاملها ظروف الحرب والإرهاب لتستمر بالدوران في ميدان العمل والعطاء.

 

الحكاية باختصار.. يقول الراوي يا سادة إن حرفته سادت وراجت قبل الحرب، وهبها أيامه، وعشق تفاصيلها وعاش فيها، لكن مع وصول الإرهاب للحي- يقول الحرفي الحلبي "ألبير دنكاية" إن الإرهابيين أجبروه تحت تهديد السلاح للخروج من ورشته المختصة بتصنيع الأشكال والقوالب الهندسية ثم قاموا بنقلها عبر الحدود إلى تركيا.. هل تذكرون..؟  يسأل الرجل عندما قام أجداد النظام التركي بسرقة التراث والمهن والحضارة السورية في القرن التاسع عشر لمدنهم.. عاصرنا نفس الهجمة.. أربعون عاماً من الإبداع في مهنة أصبحنا شيوخها كادت تندثر لولا الإرادة والأمل.

 

لم تكن ورشة "ألبير" ومنتجاته وحدها من عاث فيها الإرهاب خراباً في حلب ولم يكن شيخ كار هذه المهنة الوحيد الذي تأثر بتخريب صناعته -يقول ألبير- لم يحتمل والدي هول المشهد فوافته المنية إثر نوبة قلبية، فالورشة التي تغنى بها وتغنت حلب بإبداعها باتت خراباً، والمورد المالي الوحيد انتهى.

 

ثلاث سنوات مضت وابن شيخ كار المهنة مهجر عن ورشته المدمرة لكنه وكما أشرنا سابقاً امتلك القوة والإرادة في وجه أبشع ما واجهه في حياته، وفق وصفه، وبإمكانيات بسيطة قرر مواصلة العمل لتبقى راية منتجه مرفوعة بثمار جهوده في مناطق آمنة خالية من المسلحين والإرهاب ضمن مدينة حلب ولتعود كما كانت متصدرة الأسواق الحلبية.

 

فعلها "ألبير".. فمهنة توارثها عن شيخ كارها أبيه أعاد لها ألقها من تحت ركام الحرب ونفض غبار اليأس وحمل بضاعته من حلب إلى دمشق ليشارك بمعرض منتجين 20-20 متحدياً كل الظروف متيقناً بأن حرفة صنعتها أياد تشع إرادة وتصميماً لن تندثر.

 

وزارة الإعلام: نغم النجار

2020-11-09