"قيصر".. الجريمة والفضيحة


 بقلم : علي نصر الله

الصيغة الأخيرة للعقوبات الأميركية الظالمة "المُسماة بلطجةً قانوناً يحمل اسم قيصر"، باعتراف العالم بما فيه العالم الغربي الفاجر المُلتحق بها، هي صيغةٌ إجرامية تَجتمع فيها كل مُواصفات جريمة الحرب، وكل أركان جريمة الإبادة الجماعية، وتنطوي على حكم مُتعمّد بتجويع مُجتمع، ومحاولة خنق الاقتصاد الوطني السوري، الحاملُ الأساسي لهذا الحُكم هو قرار سياسي عدواني أحمق، غايته خبيثة، بل قذرة.

ما الذي يَجري البحث عن تحقيقه بالعقوبات؟ ما الهدف الذي تُلاحقه واشنطن؟ ما الذي تُريد تَحصيله من بعد خَيبتها وفشلها بتحصيله كنتيجة لحرب مُعلنة مُباشرة تَطاولت واستطالت، استُخدم فيها التضليل والإشاعة، الضغط والابتزاز، الإرهاب الصهيوتكفيري، ووُظفت فيها أنظمة وحكومات وأجهزة استخبارات وإعلام ومنابر دولية، وأُنفق فيها تريليونات، واستُنفدت خلالها مُفردات معاجم لغة الحرب وقواميس نهج النهب والهيمنة؟

دعونا نُثبت أولاً حقيقة أنّ كل ما يُساق في إطار هذه الحرب الصهيوأميركية الأطلسية التكفيرية ضد سورية، هو نفاقٌ، هو كذبٌ ودجل، قد ثَبَتَ ذلك بالأدلة القاطعة مراراً، ولا يُضيف جيمس جيفري بهذه الأثناء إلا دَليلاً آخر هو بمنزلة الفضيحة لكل من صَدَّقَ، لكل من انخرط، ولكل من تَورّط، على المُستوى الدولي، الإقليمي، العربي والمَحلي.

ما قاله جيفري لا يَحتاج إلى شرح، هو واضحٌ فاضح من جهة، لكنه من الجهة الأخرى يُمثل التعبير الأكثر وضوحاً عن المُناورة بالعجز والإفلاس، يَعترف جيفري بالجريمة كما اعترف قبله آخرون- تَبدلوا واستلموا من بعضهم المهمة ذاتها من دون جدوى- ويُفصح عن الفضيحة كما فعل سابقوه، ليَبقى الأهم أنّ النتيجة ستكون واحدة: سورية لن تُسلِّم، لن تَستسلم، ستُقاوم، ستَصمد وتنتصر.

إذا كان الهدف هو ديمقراطية، حريات، حقوق إنسان .. إلى آخره من سلسلة الأكاذيب الكُبرى، فيُعتقد أن الأمر لا يَستحق كل هذا الجهد، كل هذه الأموال والمنابر والأطراف، كل حُثالات التكفير والإرهاب، كل صهاينة العالم، كل هذه الأطياف من الأعراب، العملاء، الخونة، الأدوات الرخيصة البعيدة منها والقريبة!.

وأما إذا كان الهدف مُغايراً، وهو بكل تأكيد غير المُعلن، ذلك أنه بات من الثابت أن الجعبة الأميركية مملوءة برزمة من الأهداف التي تقع تحت تصنيفات مُختلفة هي في مكان آخر، وهي من مُستوى آخر، بل إن حجمها هو من وزن آخر، وحقيقتها تَكمن في مَطرح آخر، فعلى العالم أن يَستعد لا لمعرفتها فقط، بل للتعرف على نتائج الإخفاق بتحقيقها.

الهدفُ لا يَقتصر على مُحاولة فرض التَغيير في سورية بما يُحقق لمنظومة العدوان الصهيوأميركية غاياتها، ولا يَنحصر فقط بتغيير سلوك سورية المُقاوم، وفك ارتباطها بقوى المقاومة، بل الغاية هي الهيمنة وفرضُ الاستسلام، وضعُ اليد عليها بما تُمثل من مَركز ريادة ومَوقعية قيادة، بكل ما تَعنيه الكلمة وتَعتمله من مَضامين السيادة والاستقلال وامتلاك القرار الوطني الحُر، وبكل ما يُؤدي ذلك من مَعانٍ لها تَرجمتها المُباشرة بالقول والفعل، بالمَوقف والعمل الصادق باتجاهات مُناهضة سياسات الهيمنة، وبالمُقاومة ضد الاحتلال والاستلاب، ثَباتاً على المَبدأ، ودفاعاً عن القضية والأرض والحقوق.

لكل ما تَقدّم، ولأن سورية - كهدف صهيوأميركي - أظهرت قوة وصلابة ومَناعة غير مسبوقة، يجري استخدام هذه المَقادير من الخُبث والقذارة والتآمر، تَحتاج عملية استهدافها لكل هذا التَّفرغ، لكل هذا الحشد والتّحشيد، ولهذا المُستوى من جرائم الحرب التي تُرتكب بحق شعبها، غير أن ذلك لن يُزحزحها... نُؤكد، لن تَتَزحزح عن إيمانها، ولا عن مواقفها الأصيلة النبيلة.

 

لكل ما تَقدّم، إضافة للفشل بتحقيق الغايات الخبيثة، يُعتقد أن الخيبة ستكون مُضاعفة، والفضيحة مُزدوجة للمُتورطين، وللمُنخرطين بالحرب والعدوان، ممن يَعرفون، وممن لا يَعرفون، ما إذا كانت سورية تُستهدف للأسباب الكاذبة المُعلنة، أم لغيرها، المُتصلة أولاً بغاية خدمة كيان الإرهاب إسرائيل، تصفية القضية الفلسطينية، ذلك بإتمام صفقة القرن التي تتكفل تَهويد القدس، أراضي 48، شطب حق عودة اللاجئين، وفرض يهودية الدولة، وتلك المُتصلة ثانياً بغاية محاولة تمرير المُخططات الأميركية التي لم تتكسر وتتعطل إلا لأن سورية يقظة، صامدة، ثابتة، تُدافع، وتَدفع عن نفسها والأمّة، الشرور الصهيوأميركية.

 

2020-06-10