لا تَستعجلوا .. الهدفُ يتحقق

 بقلم:علي نصر الله

هناك ما يُشبه القاعدة في الحياة، مُلخصها: أنّ الناس تَستصعب التغيير، تَميل للنمطية، بل في كثير من الأحيان تَرفضه، تُحاربه، وتَستعجل الحُكم عليه!.

الناسُ ترفض، تُقاوم ما تَجهل، وفي حالات كثيرة لا تَمتلك الرؤية الكافية لاكتشاف المسارات ومَحطاتها اللازمة والضرورية، فتَحكم على التجارب قبل انتهائها بتحصيل النتائج وتحقيق الأهداف والغايات الأساسية، التي تَنطلق أصلاً من دوافع حقيقية لا تبحث إلا عن الأفضل.

تَعرضت للهجوم تجربة البطاقة الذكية منذ بدأت أولاً بتوزيع المَحروقات على المَركبات الحكومية، لكنها مع مرور الوقت ثَبَتَ بالأرقام أنها حققت وَفراً كبيراً، وأنهت مُسلسلاً طويلاً من الهدر غير المُبرر. صحيحٌ أنها ما زالت بحاجة لوضع لمسات تُكسبها المزيد من النُّضج ربما فقط على طريق تحقيق عدالة توزيع المُخصصات على القطاعات المُختلفة بطبيعة عملها، إلا أن ما لا يُمكن إنكاره أنها كانت وسيلة فعّالة بالحد من الهدر والتجاوزات.

مع التوسع باستخدام البطاقة الالكترونية، لم يَتراجع المُهاجمون لها، ورأى الكثيرون فيها ما ليس فيها: أحدُهم يَكيل اتهامات بالفساد، وآخر يُشكك، بينما يُشير آخرون باتهامات مُتعددة، لا يُوفرون فيها الجهة المُشغلة، ولا تلك المُستوردة للتجهيزات اللازمة لها، ويَغمزون إلى مسألة التوقيت باعتمادها من أنه غير مُناسب، وإلى أن حقلَ التجارب المُفتتح لها – حسب زعمهم – ليس أوانه، وإلى أنه كان يَجدر البحث عن وسائل أخرى .. و .. و.. إلى آخره.

مادة بعد أخرى من المواد التي تَدعمها الدولة تُضاف اليوم إلى البطاقة الإلكترونية، لتَجري عملية التوزيع بموجبها، ومع كل إضافة لهذه المادة أو تلك، باستعجال تتجدد الانتقادات! لماذا؟.

لماذا تتجدد الانتقادات رغم النتائج الجيدة التي تتحقق؟ بل لماذا التشهير بالبطاقة، الطريقة والتجربة؟ لماذا تُعتمد لغة الاتهام في كل مرّة؟.

لو كانت الانتقادات تُحاكي الجَوهر وتُلامسه مُلامسة واقعية، ولو كانت الأصوات المُنتقدة تُشير إلى حقائق بعَينها، هل كانت الأجهزة الحكومية المُشرفة عليها إلا أن تَستدرك وتُعالج؟ وهل كانت استمرت بالتجربة لو كان صحيحاً ما يُقال فيها؟.

البطاقةُ الإلكترونية، التي تتسع قائمة المواد المُشملة بها، حتى لو وصلت إلى الخبز، هي تَجربة جيدة لا ينبغي مُهاجمتها وانتقادها على نحو ما يَجري، بل يجب تَصويبها كتجربة بالإشارة إلى خلل هنا بالتنظيم، أو نقص هناك بمُلاحظة التفاصيل، يجبُ مَنحها الفُرصة الكافية لتُحقق النجاح الكامل، والغايات التي كان نَبيلاً الاندفاع بالعمل لتَحقيقها.

البطاقةُ التي يُشهّر بها البعض، وَفّرت قاعدة بيانات إحصائية رقميّة كُنّا بحاجة لها، وكان ينبغي أن تكون بين أيدينا منذ زمن طويل. الآن ليسَ الوقت المثالي لنَسأل بلؤم أو ببراءة: لماذا لم تتوفر هذه الإحصائيات في أوقات السلم والازدهار رغم وجود جهات ذات اختصاص، صُلب عملها وشُغلها الشاغل كان يفترض أن يُركز عليها وعلى سواها من بيانات رقمية تتصل بالحياة، النفقات، الموارد والثروات، المحاصيل .. ما نَحتاجه وما لا نحتاجه .. إلخ؟.

نحن في ظرف صعب، مُعقد، واستثنائي، الهدفُ يتحقق، امنحوا البطاقة الإلكترونية الفُرصة، لا تَستعجلوا الحُكم.

2020-04-15