أدوات المواجهة

 بقلم : علي نصر الله

قبل إعلان إدارة الشر الأميركية تَفعيل ما يُسمى - في مُعجم البلطجة خاصتها - قانون "قيصر" الذي يَستهدف الشعب السوري مباشرة، وحُلفاء مُحددين لدولتهم، وقاحة ذُكرت بالاسم، كان الاتحاد الأوروبي الذي يَجمع بُلدان القارّة العجوز قد أعلن تَمديد العقوبات أحادية الجانب على سورية، ذلك في إجراء ثَبّتَ فيه مُجدداً تَبعيته المُذلة لواشنطن، وأكد استمرار شَراكته بالعدوان، فضلاً عن تَثبيت مَوقفه المُتبني للتنظيمات الإرهابية ودعمه لها.
لن نُحاول التقليل من خطورة الإعلان عن "قيصر" ولا من إشهاره كسيف مُسلط على شعبنا، ولن نُقلل من خطر تَجدد الالتحاق الأوروبي به، لكن مع تأكيد حَقنا بالتصدي له والتّشهير بالسياسات العدوانية الأطلسية - الصهيو- أميركية، ينبغي أن نَجعل العالم يَتعرف على مُستويات الانحطاط التي بَلغها تحالف العدوان، بتَعرية سياساته ومُمارساته، وبإظهار نُبل ومَبدئية سورية، فضلاً عن إظهار مَظلومية شعبها ومُجتمعها المُقاوم للاحتلال وسياسات الهيمنة والنهب.
لا يَعني اللجوء إلى ما سُمي "قيصر" من بعد كل العقوبات الظالمة التي فُرضت على سورية منذ ثمانينيات القرن الماضي، مروراً بما سُمي "قانون مُحاسبة سورية"، وصولاً إلى العقوبات أحادية الجانب، سوى أنّ منظومة العدوان التي تقودها الولايات المتحدة تُحاول تطوير أدوات عدوانها من بعد الفشل الذي لحق بكل أساليبها وأدواتها السابقة.
لا يَعني اللجوء إلى "قيصر" كمُحاولة لقطع حتى الأوكسجين عن سورية - لو استطاعت أميركا - سوى أنها تشعر ومن معها بمرارة الهزيمة، وسوى أنها تَحضُر بالأصالة عن نظامها العنصري الإجرامي لتَستكمل فصول العدوان بذاتها من بعد اندحار مُرتزقتها وتَكسّر أذرعها الإرهابية من الدواعش ومُشتقاتهم، وبالتأكيد يَعني ذلك من جُملة ما يَعنيه أنها تَفتتح مرحلة جديدة من العدوان والمواجهة، ربما هي الأشد خطراً ليس على سورية والمنطقة فقط، وإنما على العالم، على النظام الدولي، على العلاقات الدولية، وعلى الأمن والسلام والاستقرار.
ذهابُ إدارة الشر الأميركية -الحالية وسابقاتها- للاستغراق بأساليب الضغط، العقوبات، الحصار، الانسحاب من المعاهدات الدولية، استهداف هيئات ومنظمات أممية، والتّحرش الخشن بأقطاب دولية كالصين وروسيا، وقوى إقليمية كإيران والهند و .. و.. إلخ، هو هروب خطير إلى الأمام، هو مُحاولة التفاف على الفشل، هو عدم إقرار بالهزيمة، هو تَعبير عن القلق الذي سيَشتعل فيها على نَحو مُدمّر مع كل خطوة تتخذها بعد ارتكابها جريمة قتل جورج فلويد ضد المُناهضين لعُنصريتها، ومع كل خطوة تَخطوها ضد سورية من بعد الثبات والانتصارات والصلابة التي أظهرتها بمواجهة المشروع الصهيو-أميركي الذي يَستهدفها.
إذا كانت العقوبات وسياسات التضييق والحصار تَنطوي على مُحاولة أميركا تَطوير أدواتها في الحرب والعدوان، اعتقاداً من أركان إدارتها الحمقاء بجدوى تَحصيل ما خططت له، فَستكتشف لاحقاً أن حساباتها خاطئة، وأنّ تقديراتها للموقف تَستغرق في الخطأ الذي سيَترتب عليه ما لا يمكن احتواؤه.
إنّ من واجَه أطيافاً واسعةً من ألوان العقوبات والاعتداءات خلال العقود الماضية ولم يُبدل، بل لم يَتراجع، لن يَرضى بأقل من إلحاق الهزيمة بمُستنسخات المشاريع الاستهدافية العدوانية، بل لن يَقبل بأقل من أن تُحفزه التحديات الجديدة والمُستجدة ليَصنع مَجداً آخر، فيَكتب صفحة وطنية سيادية أخرى.
ما زال لدينا الكثير لنُحَدِّث عنه، بالاعتماد على الذات، بالتعاون مع الأصدقاء والحلفاء، سنُطور أدواتنا التي تُكسبنا أهم الجولات في المواجهة، سنُسجل إضافة مُهمة في الصمود والتصدي.. الإستراتيجيةُ الوطنية للتنمية الزراعية المُعلنة للتو، خطوة ستَعقبها أُخريات لا تقل عنها أهمية.

2020-06-08