حُماة الديمقراطية والحريات!!

بقلم: علي نصر الله


أسبوعٌ كامل على الجريمة الأميركية الوَحشية، والمُمارسة العنصرية المَقيتة، مرّ على العالم الغربي "المُتحضر" بلا رد فعل يَستجيب للحالة حتى بأضعف الإيمان بالديمقراطية التي يَدّعي الإيمان بها، وبما يَنسجم حتى مع كذبة الحرص على حماية الحُريات، وهي الكذبة التي صارت أربع جهات الأرض تَعرف حجمَها!!.

كل هذه المَقادير من الخوف والجُبن والتثاؤب، لماذا؟ هل لأنّ الغرب يُشبه أميركا بنظامها العنصري، يَتطابقان ولا فَرقَ بَينهما؟ أم لأنّ الغرب بقارته العجوز يَخشى أميركا؟ أم لأنه أصلاً بجميع مُكوناته تابعٌ لها، وأداةٌ من أدواتها باستهداف الدول والحكومات والشعوب على امتداد العالم؟.

مجلسُ الأمن الدولي الذي حوّلته واشنطن إلى دائرة من دوائر خارجيتها، تُوجهه، تَستغله تُرهقه، وتَقود المعارك السياسية داخله، والدبلوماسية، مُتخطية الحدود الميثاقية ومُتجاوزة جميع قراراته، ما زال مُقفلاً، لم يَصدر عنه كلمة واحدة تَشجب، تُدين، أو تَستنكر عنصرية النظام الأميركي ومُمارساته، لماذا؟ هل تَقع المُمارسات العنصرية الأميركية خارج اختصاصه؟ أم إنه يَرى ما يَجري قضية داخلية لا يَجوز التدخل بها؟

مجلسُ الأمن الدولي المُهيمَن عليه أميركياً، هل تَنحصر مهامه واختصاصاته بما تُمليه عليه واشنطن، فيَرضخ لها، ويتصدى بعشرات الجلسات المُتلاحقة لتغيير الأنظمة السياسية هنا وهناك بذريعة ومن دون ذريعة؟!

الموقفُ الانهزامي الحالي لمجلس الأمن الدولي تجاه الممارسات العنصرية بأميركا، هل هناك من احتمالات لأن يكون مُتطابقاً مع مَوقفه لو أن ما يَجري في أميركا جرى في مكان آخر؟ أم إنه كان سيَنبري بعقد جلسات طارئة مُتعاقبة للضغط والتَّسييس والاستهداف، بل للتهديد بالفصل السابع، وربما تَسجيل الذهاب المُباشر برعونة لتشكيل تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة يعتدي، يُهاجم، يَحتل، ويَفرض أجندات سياسية استعمارية لا علاقة لها بالحالة والمَوقف.

آن لهذا العالم أن يَتغير ويُغير نظامه، هيئاته، ومُنظماته.. آن له أن يَتحرر من كذبة الديمقراطية والحريات التي تُفصَّل على مَقاسات فُجور أميركا وعنصريتها المُشتركة مع الغرب العاجز التابع.. آن لهذا العالم أن يَكفّ عن النظر بعين واحدة لعنصرية الكيان الصهيوني، ولكذبة نَشأته ووجوده.. آن لهذا العالم أن يَرفع الصوت بوجه من يَكيل بمكاييل مُزدوجة ومُتعددة للحالة الواحدة!

أنظمةُ الرَّكل والدهس والدعس.. أنظمة القمع والنهب والعدوان في الغرب وأميركا لا يُمكن أن تَستمر بدَجل لعب الدور كحُماة للديمقراطية والحُريات، هي كذبةٌ كُبرى يَختزلها هذا الادّعاء، وهي جريمةٌ عُظمى أن يُسمح بتكرار فصولها، من العنصرية إلى الإرهاب والاحتلال، تحت عناوين مُختلفة وشعارات سَقطت مراراً، وتَسقط اليوم في برلين ولندن وباريس قبل لوس أنجلوس ومينيسوتا وبنسلفانيا ونيويورك وواشنطن!.

ارحل ترامب .. حَديثُك عن العدالة هَذيان.. أريد أن أتنفس، ليست كل ما في جُعبة المَقهورين من ذوي البشرة السمراء وسواهم، ويَبدو أنّ القتل العنصري خَنقاً بكتم الأنفاس، ركلاً، دهساً، ودوساً بحوافر الخيل وبالرصاص الحي والمطاطي، ليس كل ما في جُعبة القتلة مُجرمي الحرب المُقيمين في البيت الأبيض ومَثيلاته.. على الأرجح سيكون العالم على مَوعد مع جُرعات أُخرى من العنصرية الصهيو - أميركية - الأطلسية قبل أن يَنتفض ويَتحرر.

2020-06-03