جرائم عابرة للتاريخ


بقلم: ديب علي حسن


من يقرأ تاريخ الولايات المتحدة الأميركية، على قصرها النسبي، ليس أكثر من خمسة قرون ونيف، فسوف يفاجأ بكم الجرائم التي ارتكبتها بحق البشرية، ليست أولها إبادة ملايين الهنود الحمر، أصحاب الأرض الأصليين، الجريمة الأفظع، وإن كانت الركيزة الأساس فيما تستمر به آلة العدوان الأميركي وتطوره.

ابحث أينما شئت وكيفما أردت في العالم، فما منطقة إلا ونالها النصيب الوافي من همجية واشنطن، دمار وخراب، وقتل باسم الشعارات الخلبية التي ترفعها، تبكي وتتباكى على الإنسانية، لكن شتان ما بينهما، عبر عن ذلك خير تعبير نعوم تشومسكي، حين قال: إن طائراتنا المحلقة في السماء تقوم بمهامها الإنسانية، فهي تلقي إليك برغيف الخبز والصاروخ معاً، أيهما يصل إليك فهو المطلوب.
لم يكن يسخر فقط، إنما يرثي التاريخ الذي جعل المبادئ أدوات احتلال وقمع وقتل، واشنطن في حربها العدوانية على سورية مع أدواتها على الأرض، تبكي وتصرخ، وتندب الفقراء والمحتاجين، تحشد بوسائل ضغطها، ليناقشوا الوضع الإنساني في سورية، وتنسى أنها من يدمر ويخرب، ويقتل، ويشدد الحصار الجائر على السوريين.
هل تناست واشنطن ما دمرته في الرقة، وما فتكت به من بنية تحتية في دير الزور وغيرها من مناطق الجزيرة السورية، جديد إجرام واشنطن، وهو القديم المتجدد الفتك بلقمة العيش وإضرام النار في حقول القمح، أليس من حقنا أن نسأل: ماذا تفعل الأباتشي في سماء الحقول الزراعية؟ هي قوة احتلال وعدوان، هذا أمر لا أحد يناقش به، لكن لم إلقاء القنابل والبالونات الحرارية فوق القمح؟.
أليست الحال التي كانت في العراق منذ سنوات، وربما ما زالت تمارسها واشنطن هناك، ما إن يحين وقت الحصاد حتى تعمد واشنطن عبر قواتها الغازية إلى حرق المحاصيل، هي سياسة المحتل الغربي، من فرنسا إلى بريطانيا، وربيبهم الكيان الصهيوني، وواشنطن تقود مزمار الشر نفسه.
حصاد العالم من جرائم واشنطن يكاد يوازي مجموع ما ارتكبته الإمبرطوريات العابرة من جرائم، بل يزيد كثيراً، وهي جرائم لم ولن تسقط، وسوف تجد من يحاسب مرتكبيها مهما طال الزمن.

2020-05-19