"معا في العمل على إزالة الألغام"....جهود دولية مستمرة

فراس سعود

 

كيثرة هي الحروب،وكبير هو الظلم، وهناك من يدفع الثمن باهظاً، عشرات آلاف الضحايا من قتلى ومشوهين ومصابين وجرحى، ثمناً لهذه الحروب ومخلفاتها ،وأبزهذه المخلفات الألغام التي يشكل وجودها مأساة حقيقية على أماكن تواجدها وعلى الانساية بمفهومها الجمعي .

يحيي العالم اليوم الدولي للتوعية بخطر الألغام ، تحت شعار «معا في العمل على إزالة الألغام».. ليس مجرد شعار بل هو هدف إلى استمرارية الجهود التي أطلقتها الجمعية العامة للأمم المتحدة،منذ 8 كانون الأول 2005،حين أعلنت رسميا 4 نيسان من كل عام، على أنه اليوم الدولي للتوعية بالألغام والمساعدة في الأعمال المتعلقة بها.

 

فالألغام الأرضية والذخائر العنقودية ومخلفات الأسلحة وما تتركه الحروب من ميراث ، غالباً ما تؤدي حتى بعد مرور سنوات على اتنهاء الحرب أو الصراع في المنطقة لسقوط ضحايا من المدنيين ،و إصابات بجروح خطيرة ،وتشويه خلقي ونفسي، مخلفة الكثير منهم بحالات إعاقة وصدمة نفسية قد تدوم طوال العمر، وتُحدث عواقب إنسانية مدمّرة، وآثارًا واسعة النطاق في المناطق المأهولة بالسكان، من تدمير وتخريب في البنية التحتية اللازمة لتشغيل الخدمات الأساسية - المياه والكهرباء ،الاتصالات والصرف الصحي والرعاية الصحية، و تحول دون تطوير المساحات التي بها حقول للألغام ، مما يفاقم المأساة ويزيد المعاناة لسكان هذه المناطق، ويحد من حركة الحياة فيها ويوقف عجلة الاستمرارية والتقدم.

 

و لأنهم الأصغرولقلة وعيهم ومعرفتهم بهذه الأسلحة وخطرها  يظهر تأثير الألغام ومخلفات الأسلحة والذخائر غير المنفجرة  جلياً على الأطفال، فهم الأكثر عرضة للإصابة بالألغام الأرضية والمتفجرات المتخلفة عن الحروب ، ولأن الأسلحة غالباً ما تكون ملونة وجذابة لعيون الصغار الذين يرونها كألعاب جميلة، وبالتالي هم أكثر عرضة للخطر والأذى

ووجودها يحرم الأطفال وأسرهم من الحصول احتياجاتهم الأساسية  في معيشتهم ،كالأراضي والمدارس وأماكن المياه والمباني  وأماكن اللعب، وغيرها من البيئة اللازمة لاستمرارية حياتهم بشكلها الطبيعي.

 

وتعتبر الإجراءات المتعلقة بالألغام عملاً إنسانياً نبيلاً لأنها تنقذ كثرا من الأرواح التي قد تحصدها، ، وتتجنب المآسي والمعاناة  لعدد كبير من الأفراد ، وتشكل الألغام الأرضية انتهاكاً لجميع مواد اتفاقية حقوق الطفل تقريباً: ‏حق الطفل في الحياة، وفي العيش في بيئة آمنة يلعب فيها،

 

وتعد أنشطة اليونيسف جزءاً أساسياً لا يتجزأ من قطاع أوسع يسمى "مكافحة الألغام" التي تضمن التعامل مع المتفجرات والألغام المختلفة من الحرب بطريقة شاملة، و إزالة تلك الألغام وتدميرها ،وأخطار المواد المنفجرة في المناطق التي مزقتها الحروب ومن ثم تدمير المخزون الحالي والعمل على الحد من انتاجها وتصنيعا ، ومساعدة الضحايا ونشر التوعية الفكرية اللازم للتعامل معها من مختلف الفئات العمرية في المجتمع.

 

ودعت اليونيسف إلى استمرار الجهود التي تبذلها الدول، بمساعدة من الأمم المتحدة والمنظمات ذات الصلة المشاركة في الأعمال المتعلقة بالألغام، للقيام، حسب الاقتضاء، بتشجيع بناء قدرات وطنية وتطويرها في مجال الأعمال المتعلقة بالألغام في البلدان التي تشكل فيها الألغام والمخلفات المنفجرة للحرب تهديدا خطيرا على سلامة السكان المدنيين المحليين وصحتهم وأرواحهم، أو عائقا أمام جهود التنمية الاجتماعية والاقتصادية على الصعيدين الوطني والمحلي

وبجهودها الجبارة ، تقوم اليونيسف وشركاؤها بتحديد السكان المعرضين للخطر، ونشرالتوعية بمخاطر الألغام التي تعد من الأسلحة الفتاكة والمتفجرات المخلفة من الحرب في حالات الطوارئ وعلى المدى الطويل، و تدعم إعادة تأهيل ودمج الناجين من حوادث الألغام والمتفجرات ومخلفات الحرب في المجتمع ، كما تعمل أيضاً على عدة قطاعات لدمج رسائل التوعية من مخاطر هذه الألغام والمتفجرات في النظم التعليمية وانتاج رسائل تربوية مطبوعة وأشرطة فيديو، حول هذه الأخطار وتدريب المعلمين ، وتدريب السكان المحليين على إزالة الألغام والتخلص منها، وتوفير الدعم التقني للحكومات والمنظمات غير الحكومية.

 

وقد شاركت اليونيسف في مكافحة الألغام منذ أوائل التسعينات وتدعم حالياً مشاريع وأنشطة مكافحة الألغام في نحو 20 بلداً في مختلف الأقاليم.

ويصل عدد الألغام في العالم إلى أكثر من 110 ملايين لغم منتشرة في 70 دولة في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا، كما يصل مخزون العالم من الألغام قرابة 250 مليون لغم في 80 دولة، أما ضحايا الألغام وعددهم 26 ألف ضحية سنوياً 80% منهم مدنيون على مستوى العالم.

ورغم أن الألغام يسهل الحصول عليها من مصادر التوريد الخارجية وسهلة التصنيع والاستخدام ولا تحتاج إلى مهارات فنية عالية، كما أنها رخيصة الثمن، إذ يتراوح سعر اللغم الواحد ما بين 3 إلى 30 دولاراً في حين تبلغ كلفة الكشف عنه وإزاحته ما بين 100 و1000 دولار، ورغم ذلك فإن معدلات نشر ألغام جديدة أصبحت تسير بوتيرة أسرع.

 

واتخذت الدول تدابير مهمة من أجل وضع حد للمعاناة البشرية التي تسببها مخلفات الحرب القابلة للانفجار وتوفير المساعدة للمجتمعات المحلية المتضررة. ومنها البروتوكول ،الذي اعتمدته، في تشرين الثاني 2003، من أجل وضع حد للمعاناة الناجمة عن الذخائر غير المنفجرة والذخائر المتروكة في الميدان.

ويجب الالتزام بالبروتوكول الذي يدعو كل طرف من أطراف النـزاع إلى إزالة مخلفات الحرب القابلة للانفجار من الأراضي الخاضعة لسيطرته بعد توقف العمليات العدائية. كما يطلب من كل الأطراف تقديم المساعدة التقنية والمادية والمالية لإزالة تلك المخلفات

ووضع العلامات والتسييج وتوعية السكان المحليين بالمخاطر، وذلك للمساعدة على حماية المدنيين. ويطلب أيضا من كل البلدان تقديم المساعدة لتوفير الرعاية وإعادة التأهيل للضحايا.

والدعوة إلى تسجيل المعلومات عن الذخائر التي استخدمتها خلال النـزاع وتبادل تلك المعلومات مع الأطراف الأخرى ومع المنظمات المعنية بإزالة الذخائر عند انتهاء القتال. وقد أدى الافتقار إلى المعلومات في غالب الأحيان إلى إبطاء وتيرة الجهود التي بذلت في الماضي لمعالجة مخلفات الحرب القابلة للانفجار.

وسيؤدي انضمام جميع الحكومات إلى البروتوكول والتنفيذ الكامل لأحكامه إلى تعزيز حماية المدنيين على نحو كبير.       

 

 

 

2020-04-04