" تركواز"... الحياة المعاصرة المجبولة بعنف التوتر اليومي

استضافت صالة مشوار معرض الفنانة التشكيلية فيفيان الصائغ، الذي حمل عنوان " تركواز".


وجسّدت  الفنانة صايغ فيه الأحاسيس والانفعالات الداخلية، وجنحت نحو المزيد من الحرية في تجسيد عناصر الأشكال الإنسانية والحيوانية. ومن هذا المنطلق تؤكد من جديد علاقتها بالثقافة البصرية الحديثة ، التي جاءت بشكل عفوي بعد سلسلة تجاربها المتواصلة (ومشاركاتها في معارض عديدة ) زادت قناعتها بالبحث عن أسلوب تعبيري متحرر . فالبحث التعبيري هنا هو إحساس بالقدرة على بناء أجواء اللوحة، بضربات وحركات لونية متتابعة ومتجاورة ومشحونة بعنف التوتر الداخلي الإنفعالي، الذي هو انعكاس لتوترات الخارج المشحون بالرعب والاضطراب والتناقض اللامعقول.

 

فلوحات فيفيان الجديدة تعكس دراما الحياة المعاصرة المجبولة بعنف التوتر اليومي وانكسارات الزمن الملتصق بأجواء الحرب، كأنها تريد أن تقول لنا أن الفنان لا يمكن أن يتملص من ذاته ، لأن الفن هو جزء أساسي من حياته، ولهذا لا يمكن وضع حدود بين التشكيل الانفعالي الذي تمارسه، والإحساس بأزمة الحروب والمجازر.
 

وهي تعيد إلى الأذهان بعض الاتجاهات الدادائية الأوروبية ، التي أعقبت الحرب العالمية الأولى، حيث أجرت تخريب مقصود لبعض أعمالها، لمضاعفة القوة التعبيرية والإيحائية في عناصر الأشكال الرمزية المخربة والممزقة والمشقوقة .


 وهذه الطروحات بإطارها التعبيري والرمزي والدادائي، جاءت بتحويل إحدى قاعات المعرض إلى فسحة للحوار والتأمل والوصول إلى علاقة حقيقية بالطروحات المتفاعلة مع الحياة الراهنة ، وهذه العناصر التخريبية المقصودة لبعض أعمالها تزيد من ارتباط معرضها بقلق حياتنا المعاصرة، وهكذا تصبح اللوحة والعمل الفراغي بمثابة منطلق ومدخل للتعبير عن تشنجات القلق الإنساني.

 

وبالتالي تتحول اللوحة عند فيفيان الصائغ الى أيقونة حديثة تتصدى من خلالها لهذا الخراب الروحي الذي أدى الى تدهور قيمة الإنسان ، ولا سيما في الامكنة التي شهدت وتشهد حالات الخراب والدمار والموت المعلن، ومن أجل ذلك أظهرت رغبتها في اسقاط الاقنعة التي تغطي الوجوه والضحايا . كما لو ان الفكرة التي تبحث عن أجوائها التعبيرية ، ليست سوى صرخة رفض لواقع حاد ومفجع ومفتوح على بشاعة الحياة وآلامها.

 

2020-03-25