الطربوش العثماني


بقلم: محمد البيرق

ما يقارب مئة عام انصرمت على آخر طربوش تركي، بعد إصدار أتاتورك «فرماناً» يقضي بمنع ارتدائه، وكان ذلك في عام 1925، أي بعد عام من نفوق السلطنة العثمانية، وعامين من معاهدة «لوزان»، معاهدة «لوزان» التي يعدّها رجب أردوغان، بتصريحاته العلنية، معاهدة أُجبرت عليها تركيا، وأنها سبب مشكلات تركيا الحدودية، الناجمة عن تنازلهم عن ميثاق «ملي» في اتفاقية «لوزان» الثانية، زعمٌ، لابدّ من أن ينطق به من يحلم بإعادة الخلافة «الإسلامية» العثمانية، ليلبس طربوش السلطان من جديد، حلمٌ له مناصروه بين أنصار حزب «العدالة والتنمية» وحزب «الحركة القومية» و«الذئاب الرمادية» الذين منهم ميليشيات قائمة بحدّ طمعها، تشارك في الاعتداءات على السوريين في شمال سورية، إضافة إلى سلوكيات الحكومة التركية (القاعدة الأساسية للإرهاب) منذ عام 2011 بدعمها العلني للتنظيمات الإرهابية، وتورّطها في نقل السلاح والدعم اللوجستي لها، واعتدائها السافر على سيادة الدولة السورية.

إذاً، ما بين تصريحات ساستها وسلوكيات حكومتها تطفو النيّات المبطّنة لتركيا، وتظهر مكشوفة للعلن، والتي من خلالها يحاول النظام التركي نبش الماضي وفتح الأبواب لصراعات جديدة وحروب ليست سوى محاولة من مهزوم للعب بالنار، إذ إن أي حراك أو تصعيد تركي سيكون اعتداءً على سيادة ووحدة سورية أرضاً وشعباً، وانتهاكاً فاضحاً لمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وأرض وتاريخ سورية يشهدان على طُهر حضارتها التي لن تسمح بأي اعتداء عليها، وفيها ستلقى جميع الذرائع الواهية التي تتبنّاها الحكومة التركية حتفها.

وأياً كانت التفاهمات، (تفاهم ترامب- أردوغان) فإنها بمنزلة مؤامرات على سورية شعباً ووطناً، لكنها ستكون محاولات فاشلة مهزومة تحت راية شعب قدّم، ومازال، الكثير من التضحيات في سبيل تحرير كل شبر من تراب وطنه، واستئصال سرطان الإرهاب والقضاء على فلوله، ومجابهة كل الطروحات الانفصالية للوصول بسورية إلى إعلان النصر، وأنها خالية تماماً من كل التنظيمات الإرهابية.

تركيا التي تتجاسر بتحقيق علاقة زبائنية في كل من عفرين وإعزاز وجرابلس، لابدّ من أن تنقلب عليها وضدّها الأدوار، لتكون فيها الخاسر الأكبر، وستخرج منها ذليلة مطأطئة الرأس بلا طربوش عثماني ولا رداء دولي يقبل أن يستر عورتها، فإنْ لم تكن قوننة النظام العالمي كفيلة بمحاربة التجاوزات والأطماع لدولة ترعى الإرهاب وتعتدي على سيادة دول الجوار، فإنّ الإصرار من دولة بحجم سورية سيلفظ كل معتدٍ، وكل مخططات وتفاهمات تستهدفها، التي سيكون فيها العنوان التركي- الإسلامي- القومي بأهدافه الداخلية والإقليمية والدولية أضغاث أحلام وكابوس رعب سيقضّ مضجع حكومة الطرابيش العثمانية، ومن يشدّ على يدها، فالغد السوري لناظره قريب.

 

 

2019-07-28