في الذكرى الرابعة لتوقيع الاتفاق النووي.. طهران تطالب أوروبا بإثبات حرصها عليه


دعوة أوروبية جديدة للعودة إلى طاولة الحوار والمفاوضات بشأن الملف النووي الإيراني تزامنت مع الذكرى الرابعة لتوقيع الاتفاق النووي بين إيران والأطراف الدولية الكبرى في وقت ما زال يسود فيه التوتر في منطقة الخليج جراء التهديدات والإجراءات الأمريكية ضد طهران.

قادة الدول الأوروبية الثلاث الموقعة على الاتفاق النووي رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أصدروا أمس بيانا مشتركا دعوا فيه إلى العودة إلى طاولة المفاوضات معربين عن القلق على مصير الاتفاق النووي بعد التملص والانسحاب الأمريكي منه قبل أكثر من عام مشددين في بيانهم على أن الوقت حان لما سموه “التصرف بمسؤولية والبحث عن طريق لوقف تصاعد التوتر واستئناف الحوار”.

دعوة أوروبية ينتابها الشك في وقت تطالب فيه إيران بموقف أوروبي أكثر صرامة ووضوحا من التملص الأمريكي من الاتفاق إذ أن دعوة لندن وباريس وبرلين للحوار لا تتطابق مع التصرفات على أرض الواقع حيث تماطل هذه الدول ذاتها منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق في الثامن من أيار من العام الماضي في تنفيذ التزاماتها وتعهداتها رغم تأكيدها طوال الأشهر الماضية على ضرورة الحفاظ على الاتفاق بكل التزاماته.

إيران وردا على التقاعس الأوروبي إزاء العقوبات الاقتصادية الأمريكية التي فرضتها واشنطن مؤخرا ضدها شددت مرارا على التزامها الكامل بالاتفاق وأعطت الأوروبيين مهلة ستين يوما في المرحلة الأولى للوفاء بالتزاماتهم وخاصة المالية منها في إطار آلية التعامل التجاري المعروفة باسم “انستيكس” إلا أنهم لم يفوا بأي من تعهداتهم وهو ما دفع طهران إلى تنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرد التي تضمنت رفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى أكثر من 67ر3 بالمئة كما أعطت فرصة جديدة للجانب الأوروبي مدتها ستون يوما أخرى تنتهي في الثامن من أيلول المقبل.

وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف وفي تأكيد على رغبة بلاده في الحفاظ على الاتفاق النووي وعدم انهياره جدد أمس مطالبته الدول الأوروبية بإظهار ما يثبت حرصها على الاتفاق وقال إن “رغبة أوروبا في الحفاظ على الاتفاق غير كافية وعليها أن تبرهن بأنها جاهزة لدفع ثمن حماية الاتفاق النووي الدولي وهذا ما لم نشهده حاليا” فيما شدد كذلك مندوب إيران الدائم في الوكالة الدولية للطاقة الذرية كاظم غريب ابادي في وقت سابق على أنه ينبغي على الأعضاء الأوروبيين في الاتفاق النووي والاتحاد الأوروبي أن يبدوا قلقهم من إجراءات الولايات المتحدة ضد بلاده بدلا من القلق من إجراءات إيران لإعادة التوازن إلى الاتفاق.

وحيال التصرفات والإجراءات الأمريكية المعادية لإيران ومن بينها وقف الإعفاء لثماني دول من حظر استيراد النفط الإيراني أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني في تصريحات له أمس أنه يمكن لبلاده الحوار مع واشنطن إذا رفعت العقوبات والضغوط الاقتصادية وعادت للاتفاق النووي مشيرا إلى أن إيران قامت بتغيير سياسة الصبر الاستراتيجي باستراتيجية التعامل بالمثل والخطوة مقابل الخطوة.

المماطلة الأوروبية حيال الاتفاق النووي والانسحاب الأمريكي الأحادي منه قابله تاكيد من قبل روسيا والصين وهما من الأطراف الدولية الموقعة عليه على ضرورة الحفاظ على الاتفاق وتنفيذ بنوده نظرا لأهميته الكبيرة بالنسبة للاستقرار الإقليمي والدولي.

الاتفاق النووي الذي جرى توقيعه بين إيران ومجموعة خمسة زائد واحد في العاصمة النمساوية فيينا في الرابع عشر من تموز عام 2015 وجرى تصديقه في مجلس الأمن الدولي بالاجماع وفق القرار رقم 2231 كان له دور كبير في إرساء الأمن والاستقرار في المنطقة خلال السنوات الماضية ولقي ترحيبا دوليا كبيرا لدى التوصل إليه بعد مفاوضات شاقة استمرت سنوات إلا أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومنذ وصوله إلى البيت الأبيض مطلع عام 2017 دأب على توجيه الانتقادات الحادة له في محاولة للتملص منه حيث أعلن الانسحاب منه في العام التالي وجدد فرض العقوبات غير القانونية على إيران وإعاد المنطقة إلى أجواء التوتر والتصعيد من جديد.

ترامب كان استبق الانسحاب من الاتفاق النووي بالانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ واتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ كما اتخذ العديد من القرارات الهوجاء المخالفة للقانون الدولي حيال قضايا إقليمية ودولية مختلفة ما يعرض الأمن والسلم الدوليين للخطر الشديد.

2019-07-15