ترامب يبحث عن «شهرزادات» لدروس التاريخ .. وأردوغان تاه بين الطرابيش

 


ترامب يجهل التاريخ لذلك بسط يدي نتنياهو على الجولان ووضع له الورقة الثانية بعد القدس في صندوق الانتخابات… ليست هذه نكتة سياسية بل هو إعلان صريح من فم الرئيس الأميركي بأنه لم يجد بين جعب الخليج المهداة إليه والمملؤة نفطاً وذهباً وثائق للنضال العربي ضد إسرائيل..

في لاس فيغاس وأمام قاعة الاحتفال بنخب الاعتراف الأميركي بسيادة إسرائيل على الجولان دقت الكؤوس بحضور محفل الصهيونية بأن حصص التاريخ حكر على العرب، أما ترامب وكوشنير ونتنياهو فلهم فيما حضر من ولائم خليجية ذاكرة أخرى تحكيها صفقة القرن المرتقبة.. فلا عتق للرقبة في الشرق الأوسط طالما أن العبيد احترفوا السجود من بعيد على حائط المبكى…

ترامب لا يعرف من تاريخنا سوى حكايات ألف ليلة وليلة، وفي سكره على حدود قهر المنطقة يريد كل يوم شهرزاد عربية يستبيحها ثم ينادي سيافه داعشي كان أم أوروبي ليس مهماً، المهم أن يصدح صوت ديكه الإسرائيلي في المنطقة ما بعد انتخابات نتنياهو…

ترامب لا يعرف التاريخ.. ولأوروبا ذاكرة السمكة، لذلك لم يفاجئنا كثيراً بيان مجموعة السبع بالأمس عن سورية، فربما هم لم يذكروا أنهم قرؤوه قبل ثماني سنوات حين كانوا في مرحلة «أصدقاء سورية» وهم بعد يمهدون لهجمات كيميائية طالما أن إدلب باتت تحت مرمى الجيش السوري ونضجت المعركة لتحرير ما تبقى من الأرض السورية..

بدأت الأهازيج تملأ البيانات في مجموعة السبعة عن الطرق السلمية والعودة لخفض التصعيد في إدلب وسقطت القذائف الإرهابية التي تقتل المدنيين من بين الأسطر وهم على موائد العشاءات الانتخابية لنتنياهو، ولم يعرجوا في قلقهم على الشعب السوري إلى فوسفور واشنطن و»المنتصر» في الباغوز أو نسخة غوانتنامو في مخيم الركبان… فالغرب كما داعش و»المعارضات المسلحة» باتوا يستخدمون المدنيين دروعاً بشرية لتبرير الاحتلال على الأرض السورية، فحجة البقاء الأميركي في التنف إنسانية، وفي شرق الفرات يحرسون الحلم الكردي منذ أكثر من مئة عام… فكيف ينفصل التاريخ عند ترامب وتبدو ذاكرته انتقائية؟…

ترامب لا يعرف التاريخ… لذلك يحكيه له نتنياهو قبل يوم من انتخاباته بأن المستوطنات في الضفة الغربية جزء من هيكل سليمان، وأن الماء في طبرية ينهمر من معجزة تلمودية، وبأن السلام الذي يطالب به العرب هو فلسطين غزة وسيناء، وما تبقى مكتوب باسم اسرائيل على حجارة سقطت من السماء…

ترامب يجهل التاريخ.. لذلك عاد للتلمود في حصصه السياسية واستراتيجيته في المنطقة… أما أردوغان فيبدو أن التاريخ توقف به عند السلطنة العثمانية، لذلك جمع أوراق الانتخابات من صناديق الاقتراع وأعاد فرز الأصوات في اسطنبول.. فأذني السلطان مدفونة تحت الطربوش لا تسمع الخسارة… فربما يعيد كتابة التصويت بيده وينتخب نفسه أربعة ملايين مرة أو يملأ السجون بكل من خرج عن الطاعة… لكنه حتماً يحتاج صوت ترامب… فهل صدقتم أيها السادة أن الانتخابات لديهم ديمقراطية؟..

إنها لعبة المخابرات الأميركية، فكما أتت بتيجان الخليج وحدها من تبقي الطربوش على رأس أردوغان ولكن بقضيب من رمان وصفقات الأسلحة الأميركية.. فماذا تفعل له الـ«إس 400» الروسية وصواريخ رفضه من أكبر مدن تركيا تأتيه من صناديق الاقتراع؟… وهل يفتش بعد الرئيس التركي عن حصة في إدلب السورية وقد بدأ يخسر سلطنته الإخوانية؟!

2019-04-08