«الركبان» على لائحة الاستحقاق..!!


بقلم: علي قاسم

يفتح واقع مخيم الركبان الباب على مصراعيه أمام سلسلة من التساؤلات، التي لم يعد من الممكن السكوت عنها في ظل المأساة الإنسانية، والتي يكابدها السكان داخله نتيجة المحاولات الأميركية المستميتة للاستثمار السياسي البشع في معاناتهم.

ورغم ما يجري من سحب للذرائع من سورية وروسيا، عبر سلسلة من الإجراءات على الأرض، وتوفير ما يمكن توفيره من وسائل تسمح بخروجهم الآمن، إلا أنّ الإدارة الأميركية تنظر إلى المشهد باعتباره الورقة شبه الأخيرة التي تبازر من خلالها، وتحديداً فيما يتعلق بمرتزقتها التي تجد فيهم مصدر تمويل لاستمرار ترهيب سكان المخيم.

المسألة لم تعد في الفهم السياسي القاصر الذي يروج له الخطاب الغربي، ومعه أبواق الإرهاب مجتمعة، وما ينضم تحت رايتها، بقدر ما يتعلق بحجم الانكفاء والتراجع في الاستفادة الأميركية من المرتزقة والأدوات، وإن كان يعكس إلى حدّ كبير الشعور بالخيبة من الأداء المتواضع ونفاد مساحة الدور وتراجعه، حيث لم يعد هناك ما يقتاتون عليه في السياسة، إلا تلك الأوراق التي تسمح لهم بتحويل قاطني المخيم إلى أسرى لدى مرتزقة واشنطن.

وهو ما يمكن فهمه من خلال الذرائع والحجج التي تسوقها واشنطن، والتي فقدت أدنى مبرراتها السياسية والأخلاقية، إلى درجة أنَّ مسوغات الرفض الأميركي لمعالجة قضية سكان الركبان باتت مبتذلة، وتشبه السياسة الأميركية ذاتها، حين تفتقد المعايير المنطقية في تعاطيها السياسي مع المشكلة.

الفرق اليوم أنَّ هذه الذرائع وتلك المسوغات تفقد تأثيرها وجدوى استخدامها المتكرر على وقع تطورات ومتغيرات تعصف بمنظومة العدوان كله، ولا تنتهي عند المتغيّر في العلاقة بين أطراف المنظومة وحالات الشك والريب، التي تضيف إلى مهمة المايسترو الأميركي متاعب يبدو أنه مضطر للأخذ بها، بعد بروز بعض مشاهد التمرد في صفوف المرتزقة، والخلافات التي تعصف بين مكوناتها، إضافة إلى تهديد بعضها بالانسحاب من الميليشيات التي شكلتها أميركا.

هذا ما ينسحب على التنظيمات الإرهابية المرتبطة بنظام أردوغان، حيث جاءت نتائج الانتخابات التركية لتصبَّ الزيت على نار الهواجس والمخاوف، من انكفاء الدعم التركي بعد تلك النكسة التي مُني بها رئيس النظام التركي وحزبه على وقع الخلافات التي تستعر بين أركان النظام، والتي تقتضي في الحدّ الأدنى إقصاء بعض الرؤوس عن المشهد السياسي، والانشغال بترميم ما يمكن ترميمه، أو استدراك ما هو متاح استدراكه.

وهذا يدفع إلى الجزم بأنَّ النهاية المرتقبة للمرتزقة والإرهابيين تدخل في طور شبه نهائي، وتعيد على أساسها معادلات التحالف بما تعنيه من نقص في موارد التمويل التي كان يعول عليها المرتزقة والإرهابيون، والتي كانت تشكل سبباً أساسياً في إطالة أمد وجودهم الوظيفي، ودورهم في خدمة المشروع الإرهابي وأطماع منظومة العدوان.

مخيم الركبان على لائحة الاستحقاق، ومعاناة النازحين داخله والهاربين من جور التنظيمات الإرهابية وفظائعهم لن تبقى على حالها، والقرائن السياسية والميدانية حاضرة وقائمة، والمتغيّرات على الأرض كما هي في المشهد الإقليمي والدولي، وارتباك العلاقة البينية بين منظومة العدوان ومرتزقتها تؤشر إلى أنَّ عقارب ساعة الصفر بدأت بالدوران، في قصف تمهيدي لمشهد جديد، أقله الخلاص من ربق الاستثمار الإرهابي فيه، وسقفه أو حصيلته النهائية العودة الآمنة للمحتجزين فيه إلى مناطقهم التي حررها الجيش العربي السوري، وعودة الأرض في المخيم وجواره إلى كنف الدولة السورية.

 

2019-04-04