الجعفري: الجولان المحتل أرض سورية ستعود والولايات المتحدة دولةٌ عدوةٌ خارجة عن القانون

أكّد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري أن الجولان المحتل أرض سورية ستعود إلى وطنها وعلى الأمريكي والإسرائيلي إلّا يظنوا واهمين بأن أرضاً سورية يمكن أن تكون يوماً جزءاً من “صفقة لعينة وخبيثة” مشدداً على أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا يملك الأهلية السياسية ولا القانونية ولا الأخلاقية ليتصرف بأراضٍ هي جزء لا يتجزأ من الأراضي السورية.

وقال الجعفري خلال جلسة لمجلس الأمن أمس حول الحالة في الشرق الأوسط: في الوقت الذي نجتمع فيه لمناقشة إعلان ترامب غير الشرعي بشأن الجولان السوري المحتل شنّ طيران الاحتلال الإسرائيلي عدواناً جوياً على المنطقة الصناعية شرق حلب وتصدًت دفاعاتنا الجوية للعدوان وأسقطت عدداً من الصواريخ المعادية.

وجدّد الجعفري إدانة سورية الإعلان غير الشرعي لترامب بخصوص الوضع القانوني للجولان العربي السوري المحتل مؤكّداً أنها تعتبر ما قام به مجرد تصرفٍ أحادي الجانب صادرٍ عن طرفٍ لا يملك الصفة ولا الأهلية السياسية ولا القانونية ولا الأخلاقية ليقرّر مصائر شعوب العالم أو ليتصرف بأراضٍ هي جزء لا يتجزأ من أراضي الجمهورية العربية السورية.

وأشار الجعفري إلى إن خطورة مثل هذه الممارسات الأمريكية تتمثّل في أنها تعكس جنوحاً خطيراً غير مسبوق لدى الإدارة الأمريكية الحالية نحو تقويض القانون الدولي وإهانة الأمم المتحدة والضرب عرض الحائط بكل المرجعيات والإرث القانوني والقرارات التي صدرت عن هذا المجلس وعن الجمعية العامة بخصوص “الصراع العربي الإسرائيلي” وحتمية إنهاء احتلال “إسرائيل” للأراضي العربية المحتلة وانسحابها منها حتى خط الرابع من حزيران 1967.

وأوضح الجعفري أن مجلس الأمن أكّد في قراره رقم497 لعام 1981 أن الجولان أرضٌ سوريةٌ محتلة وأن أي إجراءات تتّخذها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على هذه الأراضي المحتلة لاغية وباطلة وليس لها أي أثرٍ قانوني لافتاً إلى أن جميع أعضاء مجلس الأمن يعلمون بما في ذلك الوفد الأمريكي أن عملية السلام في الشرق الأوسط انطلقت في العام 1991 استناداً إلى القرارات 242 و338 و497 التي نصّت جميعها على عدم شرعية احتلال أراضي الغير بالقوة وعلى عدم الاعتراف بأي سلطة لـ “إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال” على أيٍ من الأراضي التي احتلتها منذ الخامس من حزيران 1967 وعلى ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لهذه الأراضي كشرطٍ أساسي لإحلال السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط وهي مرجعيات قانونية لم تنكرها أي من الإدارات الأمريكية السابقة.

وشدّد الجعفري على أن إعلان ترامب مجرد تصرفٍ أحادي الجانب لا قيمة قانونية ولا سياسية له لكن هذا التصرف في الوقت ذاته إقرارٌ واضح بأن الإدارة الأمريكية لم تعد تقيم وزناً للأمم المتحدة وأنها سحبت موافقتها واعترافها بقرارات الشرعية الدولية بل أكّدت اليوم رفضها وتصديها لجهود إحلال السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط وفي العالم وبالتالي فقد أنهت دورها كوسيط في أي عملية لإحلال السلام في الشرق الأوسط وأدخلت المنطقة والعالم معها في أجواء التصعيد والمواجهة.

وأشار الجعفري إلى أن هذا الإعلان الأمريكي يشكّل مفترق طرقٍ مصيرياً أمام الأمم المتحدة والمجتمع الدولي فهو إمّا أن يكون صفعةً مدويةً للعالم بأسره أو أن يكون تحدياً تاريخياً حقيقياً للأمم المتحدة ولمجلس الأمن باعتباره المعني الأول بصون السلم والأمن الدوليين من أجل الدفاع عن الشرعية الدولية وأحكام الميثاق والمرجعيات والإرث القانوني الدولي المتراكم عبر العقود والقائم على رفض الاعتراف بالاحتلال الإسرائيلي للجولان وإدانته والدعوة إلى إنهائه بشكلٍ لا رجعة عنه.

ولفت الجعفري إلى أن سورية تقدّر عالياً المواقف الدولية والأممية التي صدرت في أعقاب هذا الإعلان السافر للإدارة الأمريكية وتشكر في الوقت ذاته الدول التي دعمت عقد هذه الجلسة المهمة وهي ترى في البيانات والمواقف التي صدرت عن أغلب حكومات دول العالم خطوةً مهمة وجدية أثبتت للرأي العام العالمي عزلة الأمريكي والإسرائيلي وخروجهما عن الشرعية الدولية وتهديدهما المباشر للسلم والأمن الدوليين مبيناً أن واشنطن أخلت بواجباتها والتزاماتها تجاه أحكام الميثاق ومبادئ القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن بصفتها عضواً دائماً في مجلس الأمن.

وقال الجعفري: إن السؤال الجوهري الذي يطرح نفسه بقوةٍ اليوم هو من سيسائل الإدارة الأمريكية عن خرقها لقرارات مجلس الأمن 242 و338 أليس مطلوباً من منظومة الأمم المتحدة أن تتصدّى لهذا الانتهاك الجسيم لقراراتها ومرجعياتها من خلال استرداد دورها وولايتها القانونية التي كانت مختطفةً ومصادرة من قبل الجانب الأمريكي من أجل تطبيق قرارات مجلس الأمن آنفة الذكر.

وأشار الجعفري إلى أن الشعب السوري ينظر اليوم إلى الولايات المتحدة على أنها دولةٌ عدوةٌ خارجة عن القانون تحتل جزءاً من أراضيه بعد أن تسببت بشكلٍ مباشر في قتل آلاف السوريين وفي تدمير البنى التحتية والاقتصاد والمقدرات الوطنية السورية سواء عبر دعم الإرهاب وفرض الحصار الاقتصادي وعبر العدوان العسكري المباشر وحين قادت ما يسمى زوراً “التحالف الدولي” لمحاربة تنظيم “داعش” الإرهابي لافتاً إلى أن الشعب السوري يرى في إعلان ترامب تهديداً للسلم والأمن الدوليين ومحاولةً فاشلة للتلاعب بالتاريخ والجغرافيا لأن الرئيس الأمريكي والمتطرفين من المحافظين الجدد في إدارته اعتقدوا خطأً أن فرض الحرب الإرهابية على سورية كفيلٌ بكسر إرادة هذه الأمة أو أن ثماني سنوات من مواجهة الإرهاب والتطرّف قد غيرت من أولويات سورية.

وأوضح الجعفري أن السؤال الموجّه إلى الضمير الإنساني وإلى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وإلى من يتطلع إلى العام 2030 من أجل تحقيق تنميةٍ مستدامة لا يتخلّف فيها أحدٌ عن الركب.. هل تمعنتم جيداً في العواقب الحقيقية لخرق الولايات المتحدة الدولة دائمةِ العضوية في مجلس الأمن لالتزاماتها بموجب قراراته.. وهل أدركتم الأسباب الحقيقية من وراء نقض إدارة ترامب لاتفاقاتٍ ومعاهداتٍ دولية كانت تسعى إلى ضمان الاستقرار الدولي ومن وراء انسحابها من مجالس وهيئاتٍ أممية ودولية مثل مجلس حقوق الإنسان واليونيسكو ومن وراء وقف تمويل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”.

وبيّن الجعفري أن الإدارة الأمريكية تواصل حماية سلطات الاحتلال الإسرائيلي من خلال تشتيت الانتباه عن المخاطر الحقيقية التي يتعرض لها السلم والأمن الدوليان بسبب استمرار هذا الاحتلال ومن خلال إيجاد صراعاتٍ قائمة على أسس مذهبية وطائفية وهمية خطيرة قد تتسبّب بإطالة أمد حالة عدم الاستقرار في تلك المنطقة أو بإشعال حروبٍ وفوضى يصعب مواجهة عواقبها والسيطرة عليها مشيراً إلى أن من يحترف اصطناع وتغذية الحروب والصراعات في العالم هو طرفٌ لا يحترم القانون الدولي ولا يمكن أن يؤتمن على مسؤولية صون السلم والأمن الدوليين.

وأوضح الجعفري أنه لو تصدّى مجلس الأمن منذ اللحظة الأولى لغزو وتدمير العراق لما وصلنا إلى هذا الحالة غير المسبوقة من ازدراء القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بصون السلم والأمن الدوليين وبالنتيجة فإن تخاذل الأمم المتحدة في مواجهة هذا الموقف الأمريكي الخطير لن يترك أمام الدول والشعوب الرازحة تحت الاحتلال إلا إعمال مبدأ “ما أخذ بالقوة لا يستردُّ إلا بالقوة”.

وأكّد الجعفري أن الجولان السوري سيعود وعلى الأمريكي والإسرائيلي ألا يظنوا واهمين بأن أرضاً سورية يمكن أن تكون يوماً جزءاً من “صفقة لعينة وخبيثة” وإذا أرادت الإدارة الأمريكية أن تظهر الكرم لـ “إسرائيل” فعليها ألا تتطاول على ما لا تملك فمساحتها واسعة ومترامية الأطراف وبالتالي فلتتنازل عن ولاية أو ولايتين من الولايات الأمريكية لـ “إسرائيل” ما دامت حريصة على رضاها عنها.

وقال الجعفري: وصلتني قبل قليل رسالة موجهة من طفلةٍ سوريةٍ جولانية إلى مجلس الأمن تقول فيها.. أنا الطفلة دمشق عماد المرعي وعمري 10 سنوات من بلدة مجدل شمس في الجولان السوري المحتل، ولدت تحت الاحتلال الإسرائيلي وأقول للعالم إن مستقبلنا نحن أطفال الجولان السوري المحتل لن يحدّده ترامب أو كيان الاحتلال الإسرائيلي بل تاريخنا وحاضرنا وأحلامنا الطفولية التي نحياها فوق تراب الجولان المحتل أرض آبائنا وأجدادنا وسيبقى حلمنا الحرية والعودة إلى وطننا الغالي سورية.

وفي ردّه على مندوب كيان الاحتلال الإسرائيلي قال الجعفري: إن 14 مندوبا من أصل 15 في مجلس الأمن باستثناء الأمريكي رفضوا الخطوة الأمريكية لأنها تخالف أحكام قرارات مجلس الأمن 242 و338 و497 وهذا درس مهم يجب أن يفهمه مندوب كيان الاحتلال فأغلبية الأعضاء قالوا له ولمن يحميه أن هذا السلوك الأرعن خاطئ وضم أراضي الغير غير قانوني ويخالف أحكام الميثاق وقرارات مجلس الأمن.

وأوضح الجعفري أن سورية كانت منخرطة في عملية السلام لكن يبدو أن مندوب الكيان الإسرائيلي لا يعرف أن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق اسحق رابين سلمنا عبر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق وارن كريستوفر رسالة خطية مكتوبة “وديعة رابين” يقر فيها بأن الجولان أرض سورية بحدود الرابع من حزيران عام 1967 وكانت النتيجة أنه تم اغتيال رابين لأن كيان الاحتلال الإسرائيلي لا يريد السلام ولو كان يريده لكنا توصلنا إليه خلال ولاية الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون.

وأكّد الجعفري أن الجولان أرض سورية شاءت “إسرائيل” أم أبت وسواء حمتها أمريكا أم لم تحمها وعندما تتهرب “إسرائيل” من السلام فإن البديل الوحيد سيكون استعادة الجولان بالقوة.

2019-03-28