عندما يستجدي بعض «السوريين» بقاء المحتل


 بقلم.. عبد الرحيم أحمد


كان لافتاً حالة الهلع التي شعرت بها بعض الفصائل الكردية التي تسعى للانفصال عن الوطن في شمال شرق البلاد مع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب سحب قواته المحتلة من سورية، بل كان مريعاً ومقززا أن يستجدي بعض زعماء تلك الفصائل بقاء تلك القوات لتأمين حمايتهم!

أن يقلق النظام السعودي ومعه التركي والقطري من الخروج الأميركي المذل من سورية أمر نستطيع فهمه، فهذه الأنظمة كانت تعول على القوة الأميركية الغاشمة لتحطيم الدولة السورية وفرض شروطٍ عليها وجعلها تسير في الركب الانهزامي الاستسلامي أمام كيان الاحتلال الإسرائيلي، لكن أن ترى «سوريّاً» يطالب ببقاء قوات المحتل الأميركي طلباً للحماية فهذا الأمر المستنكر وغير المقبول وطنياً وأخلاقياً.

قد يبرر البعض هذا الموقف بطلب الحماية من التهديدات التركية العثمانية التي يطلقها رأس النظام التركي، لكن الجميع يعلم أن التركي هو مجرد أداة بيد الأميركي ولا ينطق سوى بما يأمره به، وأن الحماية الأميركية لم تثبت مرة في التاريخ أنها حماية أخلاقية، بل هي وصاية واستثمار لأدوات تتخلى عنها في أول مفرق بعد استنزافها في المشروع الأميركي.

لا خيار للسوريين اليوم أينما كانوا سوى الاحتماء بسقف الوطن الذي يمثله العلم السوري والجيش العربي السوري، فهو الحامي والضامن لهم من غدر عثماني ومبازرة أميركية، والتاريخ شاهد على ذلك وتجاربه ليست ببعيدة جغرافياً وزمنياً.

نحن نعلم أن الأميركي يعمل لتعطيل أي حوار بين الدولة السورية والفصائل الكردية السورية لمنع الحل السوري السوري، لكن الأميركي ينهزم اليوم في سورية، وعلى كل المعولين وهماً على دعمه ورعايته أن يعيدوا التفكير في مستقبلهم البعيد المدى ومستقبل الأجيال القادمة.. فيكفي هؤلاء أن ينظروا كيف تهرول الدول الأخرى للعودة إلى دمشق حتى يقتنعوا بأنه لا مكان لهم إلا مع دمشق ولا كرامة لهم إلا فيها.

وإن كان هناك من لا يعلم، فالحكومة السورية أكدت أن إدلب والمناطق الشرقية ستعود إلى سيادة الدولة السورية وتحت العلم الوطني سلماً أم حرباً، وهي تفضل الخيار الأول كطريق للعودة، وأن نمد جميعاً أيدينا معاً ونعيد بناء سورية الوطن الذي يحتاج جميع أبنائه الذين ينتمون إليه بالقلب والروح وليس بجواز السفر.

2019-02-20