مؤتمر وارسو الصهيوني

بقلم: د. تركي صقر
أطفئت الأنوار وأسدلت الستائر عن كرنفال وارسو ليتبين أن الجبل ولد فأراً فيما يخص الموضوع الإيراني وهو العنوان الأمريكي الأبرز للمؤتمر «العتيد» وما صرف من خطب رنانة حول خطر إيران ليس أكثر من اجترار لمواقف مملة وتكرار لأسطوانة مشروخة لم تعد موضع اهتمام أحد وجاء استباق الوزير محمد جواد ظريف للمؤتمر بالقول: إن «المؤتمر ولد ميتاً» صحيحاً ودقيقاً لاسيما بعد أن تدنى مستوى تمثيل الدول التي استجابت للدعوة الأمريكية تحت التهديد ليكون هزيلاً وبعد رفض الدول الأوروبية المؤثرة عن الحضور.
نقول تحت التهديد لأن رسالة ترامب التي حملها وزير خارجيته بومبيو إلى الدول للمشاركة في المؤتمر كانت بمنزلة عصا غليظة قال فيها حسب تسريبات: «سألقي بعظامكم في مهب الرياح كما في مهب النيران، إذا ما تمنعتم، أو تريثتم، في حضور مؤتمر وارسو بما يعنيه المكان من حساسية جيوتاريخية، على مستوى المعادلات الدولية فلا مناص لكم من المشاركة فيه» وعليه فالمشاركة في الكرنفال البولندي كانت أكثر بكثير من أن تكون فضيحة سياسية، أو فضيحة قومية أو فضيحة أخلاقية حين يوجد من يجر هؤلاء المتخاذلين، بملابس الكاوبوي، إلى الحظيرة الأمريكية.
ما تكشف من وراء مؤتمر وارسو ولهفة صهر ترامب غاريد كوشنير لانعقاده هو في أن يكون بالكامل لمصلحة نتنياهو وأولاً إشهار تطبيع أنظمة الحكم العربية مع الكيان الصهيوني ونقل ما كان يجري سراً إلى العلن ولعل تهافت الوزراء العرب علناً إلى لقاء نتنياهو، والذي أعتبر اللقاء «انعطافة تاريخية»، وأنهم: «يصنعون التاريخ»، دليل على الغاية منه حيث يعرف نتنياهو بأن ولادة التطبيع العلني سيفتح باب العلاقات السياسية والعسكرية والاقتصادية والإعلامية على مصراعيها، بما يضمن دخول كيانه إلى العمق العربي والخليجي خصوصاً, ويفتح أمامه الطرق لمشاركة أو وراثة الدور الأمريكي في نهب الثروات المكدسة في المشيخات الخليجية بما يوفر له الإمكانات المادية لتحقيق حلم الإمبراطورية الإسرائيلية الكبرى.

2019-02-18