«القبح» الأميركي ..!!


 بقلم علي قاسم:
لم يكد ينتهي التحذير الروسي من خطورة الخطوات الأميركية في شرق سورية، حتى جاء ما هو أخطر باستهداف عدواني منظم ومقصود لوحدات من الجيش العربي السوري في محيط السخنة، يهدف إلى إعادة خلط الأوراق بعد أن وصلت الخيارات الأميركية إلى طريق مسدود، وواجهت استعصاءات دفعت بها إلى عنق الزجاجة،

في وقت كان المنسق الأميركي يدعو المجموعة المصغرة -كما سمتها الإدارة الأميركية- للتباحث في الأدوار والمهمات الوظيفية على ضوء المستجدات المتواترة، والتي يُستقرأ منها في القراءة المباشرة أنها تعاكس ما تشتهيه الرياح الأميركية.‏

فالعدوان الأميركي لا يمكن تفسيره من دون الأخذ بعين الاعتبار المستجدات تلك، وفهم حدود ومساحة المعاكسة في الخطة الأميركية، التي يجري تعديلها على ضوء ما حصل من مداولات في المهمات الوظيفية للأدوات التي كانت تتحرك وفق أجندات متناقضة في الظاهر، وإن بقيت مضبوطة في المضمون، باعتبارها حصيلة غير نهائية للإيقاع الذي تروّج له الإدارة الأميركية على وقع ما يُثار من تكهنات حول الأولويات المستجدة على جدول الحسابات الأميركية.‏

فيما تندرج محاولات النفخ في المجموعة المصغرة وتوقيتها في سياق الحرج الأميركي من ضعف إمساكها بخيوط ما يجري، والرد على الاتهامات بضعف خياراتها التي يروّج لها داخل أروقة الإدارة الأميركية، وقد تكون في إطار الهروب إلى الأمام من المواجهة المنتظرة مع الكونغرس الأميركي حول علاقتها بالسعودية، والتبريرات السمجة والأعذار الواهية التي بدت في بعض الأحيان أقبح من ذنب العلاقة المشبوهة ذاتها.‏

الواضح أن التحرك العدواني الأميركي ليس خارج التوافق مع التركي، ولا هو بعيد عن ترتيب أولوياته، باعتبار أن المأزق الذي يواجهه النظام التركي يتقاطع فيه مع الأميركي في الاستعصاءات التي تتحول في سياق المقاربة الموضوعية إلى تأزم مركب، دفع بالتركي إلى إعادة النظر في التفاهمات حول مناطق خفض التصعيد، والفشل في تنفيذ تعهداته التي وقعها مع الروسي.‏

وهو ما يجد فيه الأميركي والتركي فسحة من الوقت قد تتيح للاثنين معاً إعادة إدراج نقاط إضافية من المواجهة وافتعال معارك لتشتيت التركيز عمّا يحصل في إدلب ومناطق خفض التصعيد فيها، والانشغال بتداعيات العدوان الأميركي لتغييب ما تقوم به أميركا من ممارسات عدوانية الذي يترافق بحديث عن تحشيدات لمرتزقة أردوغان، والتي ترجمتها التحضيرات لاستخدام مئة طائرة مسيّرة وتحميلها بمواد كيماوية تبرع بخبرات استخدامها البريطانيون والفرنسيون من قبلهم.‏

ورغم غياب التبريرات الأميركية عن دوافع العدوان وذرائعه، فإن ذلك لا يعني غياب التفسيرات المرتبطة بها، ولا يحول دون إدراك الأسباب والدوافع التي تقف وراءها، باعتبار أن الذرائعية الأميركية التي كانت تستخدم «داعش» كمصدر لمزاعمها وافتراءاتها لم تجد حتى اللحظة ما يمكن الاتكاء عليه للتخفيف من حدة التأزم في استعصاءاتها السياسية التي تزداد تورماتها، وإن كانت لن تتردد في النبش بأوارقها القديمة والنفخ في قربتها بحثاً عن وقت تتقاسم فيه مع التركي فتات أدوار الظل المتبقية، لتفصح في نهاية المطاف عن وجهها القبيح في عدوانية تمارسها واعتداءات تشنها لتعويض ما عجزت عنه بالإرهاب، وما فشلت فيه بالمراوغة والتسويف والتضليل.‏

2018-12-04