هي ثورة الفقراء في باريس ورئيس فرنسا يواجهها بحقد غير مسبوق على الانسانية التي يتشدق في الدفاع عنها في دول أخرى ويبدو أن شتاء باريس سيكون قاسيا وقد ينسحب على عواصم أوروبية أخرى شتاء مضمخا بالعنف والصيحات بإسقاط المزيد من حكومات غربية قد ابتعدت كليا عن شارعها فثار عليها فقراؤها.
ولا داعي للشرح؛ فالصورة واضحة ماكرون يواجه المتظاهرين في شوارع باريس بالعنف. تستمر المواجهات بين الشرطة التي تطلق النار والغازات على المتظاهرين التابعين لحركة السترات الصفراء التي تحتج على زيادة الضرائب وتراجع القدرة الشرائية والذين بدورهم قاموا بإحراق السيارات وتكسير الواجهات الزجاجية للمحال التجارية وإقامة المتاريس والاشتباك مع الشرطة في اعرق شوارع باريس الشانزليزيه. واعتبرت وزارة الداخلية ان الوضع اصبح اكثر هدوءا لكن المدينة ليست آمنة تماما.
وقال أحد نشطاء السترات الصفراء:"يتم استنزافنا شيئا فشيئا، سواء من الضرائب من جميع انواعها وغيرها. منذ وقت ليس ببعيد شهدنا الربيع العربي، وأعتقد أننا الآن نعيد النظر في الشتاء الأوروبي".
الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، عبر عن عدم رضاه عن الاحداث الاخيرة في باريس، معتبرا ان ما حدث لا يمت بصلة إلى ما وصفه بالتعبير المشروع عن الغضب.
وقال ماكرون:" لن ارضى أبدا بالعنف. إنّ أيّ قضية لا تبرّر مهاجمة قوات الامن ونهب المحال التجارية وتهديد المارة أو الصحافيين وتشويه قوس النصر. مرتكبو أعمال العنف هذه لا يريدون التغيير، لا يريدون أي تحسن، إنهم يريدون الفوضى".
وزارة الداخلية نشرت اربعة الاف وستمائة شرطي ودركي في العاصمة. ووصل عدد المعتقلين لنحو ثلاثمائة شخص. وطالبت بعض المنظمات بتعزيزات من الجيش لحماية المواقع المؤسساتية. فيما تنظر وزارة الداخلية في فرض حالة الطوارئ.
وقال وزير الداخلية الفرنسي، كريستوف كاستانير:" ندرس كل الإجراءات التي ستسمح لنا بفرض مزيد من الإجراءات لضمان الأمن. كل ما يسمح بتعزيز ذلك ولا محرمات لدي وأنا مستعد للنظر في كل شيء. مرتكبو أعمال العنف هم مثيري الانقسام والشغب. وتم التعرف على حوالى ثلاثة آلاف شخص".
الاحداث في فرنسا تطورت بشكل متسارع في وقت لا توجد فيه شخصية قيادية لهذا الحراك يمكن للدولة محاورتها، وحتى مع وجود هذه الشخصية ربما يستمر هذا الوضع.
وأعلن بنجامين جريفو المتحدث باسم الحكومة الفرنسية اليوم أن الحكومة “ستدرس فرض حالة الطوارئ للحيلولة دون تكرار مشاهد بعض أسوأ الاضطرابات التي شهدتها فرنسا منذ أكثر من عشر سنوات” داعياً المحتجين السلميين إلى التفاوض.
ونقلت رويترز عن جريفو قوله لراديو “أوروبا1” إنه “علينا التفكير في الإجراءات التي يمكن اتخاذها حتى لا تتكرر هذه الوقائع” مؤكداً أنه ستتم مناقشة كل الخيارات المتاحة خلال اجتماع يعقد اليوم يضم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس وزرائه ووزير الداخلية.
وأصيب 100 شخص بينهم 16 من ضباط الشرطة واعتقل 205 أشخاص أخرين خلال الاحتجاجات الواسعة التي شهدتها العاصمة الفرنسية باريس أمس والتي واجهتها الشرطة الفرنسية بالقمع وإطلاق الرصاص المطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت ومدافع المياه فيما أعلنت وزارة الداخلية الفرنسية أن 75 ألف شخص يشاركون في التظاهرات المناهضة لسياسات ماكرون.
واعتبر المحلل السياسي د.ماجد نعمة ان الازمة التي تعصف بفرنسا، هي عبارة عن ثورة للفقراء ضد الاغنياء.وقال نعمة في حديث لقناة العالم ان "الاحتجاجات، ليست سوی احتجاجات اقتصادية وذات طابع اجتماعي؛ رداً علی سياسة الحكومة الفرنسية".
وأضاف ان "الحكومة الفرنسية ألغت ضرائب كبار الاغنياء وفي نفس الوقت فرضت ضرائب جديدة علی المهمشين والفقراء ولم تستمع الی اعتراضات النقابات والاحزاب المعارضة ضد هذا القرار".
ورأی نعمة ان "الحكومة الفرنسية تضغط علی المحتجين لأنها تری نفسها حكومة منتخبة ديموقراطياً ولكن الواقع ان هناك كثيراً من علامات الاستفهام علی شرعية هذه الحكومة وأن انتخاب مكرون تم بعد اقصاء المرشح الاكثر حظاً آنذاك وهو فرانسوا فيون بنوع من الانقلاب القضائي".
وتابع ان "الشارع الفرنسي ينظر الی مكرون بأنه مرشح الاغنياء ولهذا يثور المهمشين الفرنسيين ضد قرارات هذا المرشح".
ورد نعمة ادعاء الحكومة الفرنسية بأن "المتظاهرون يرتكبون أعمال عنف" مؤكداً ان "أعمال العنف يرتكبها مندسون، تغض الشرطة عنهم الطرف، لاتهام حركة السترات الصفر بهذه الاعمال".
ومباشرة بعد عودته إلى باريس، الأحد، قادما من الأرجنتين، توجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى قوس النصر ليتفقد الأضرار التي لحقت بالمعلم الشهير خلال أحداث الشغب، السبت.
وأظهرت لقطات تلفزيونية الجزء الداخلي من القوس، حيث تحطم جزء من تمثال ماريان، وهو رمز للجمهورية الفرنسية، كما كتب المحتجون على القوس شعارات مناهضة للرأسمالية ومطالب اجتماعية.
واستهدف بعض المحتجين قوس النصر في باريس، ودعوا ماكرون للاستقالة، وكتبوا على واجهة القوس الذي يعود تاريخه للقرن التاسع عشر عبارة "ماكرون ارحل".
وأعلنت الشرطة، الأحد، إصابة 133 شخصا بينهم شرطيون واعتقال 412 آخرين، في أحداث الشغب التي شهدتها باريس، السبت.
وأشعل مثيرو الشغب النار في سيارات ومبان ونهبوا متاجر وحطموا نوافذ واشتبكوا مع الشرطة وسط العاصمة، في اضطرابات تضع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمام تحد صعب، وهو الأسوأ منذ أكثر من 10 سنوات.
وتفاجأت السلطات بتصاعد العنف بعد أسبوعين من الاحتجاجات التي عمت البلاد، تعبيرا عن رفض رفع أسعار الوقود وارتفاع تكاليف المعيشة، ونظمتها حركة تعرف باسم "السترات الصفراء"، تستقي اسمها من السترات الصفراء الفسفورية التي يتعين على كل السائقين في فرنسا تزويد سياراتهم بها.
وقال ماكرون إنه سيجتمع مع الوزراء لبحث الأزمة لدى عودته الأحد، فيما ألغى رئيس الوزراء إدوار فيليب زيارته إلى بولندا.