انبلاج فجر إدلب..

بقلم: أحمد ضوا

يمر العالم بمرحلة عصيبة جداً تحكمها محاولة الدول الاستعمارية التقليدية الاحتفاظ بهيمنتها على العالم متجاهلة الواقع الجديد المتشكل جراء الضعف الذي بدأ يسري في أوصال هذه القوى التقليدية على المستويين الداخلي والخارجي.

كما تتحكم عوامل ضعف الدول الاستعمارية بمصير التوترات والمشكلات الدولية بمسار هذه المرحلة العصيبة، الأمر الذي يشكل ضغوطاً كبيرة على سياسات هذه الدول ويجعلها أسيرة قرارات غير مدروسة تنعكس على أرض الواقع بأشكال متعددة تظهر حقيقة تكسر الهيمنة الغربية على العالم بالقيادة الأميركية.‏

بالإضافة إلى ذلك يعاني قطبا الأطلسي الولايات المتحدة وبريطانيا من حالتي عدم استقرار سياسي غير مشهودتين منذ قرون عديدة، فالبيت الأبيض يصارع لمنع (وترغيت جديدة) يراها الكثيرون من ساسة العالم قريبة والحكومة البريطانية تئن تحت نير ارتباك اقتصادي وتنافس سياسي نادراً ما يتكرران ويثقلهما الخروج البريطاني من الوحدة الأوروبية.‏

يلاحظ أن كلا الإدارتين الأميركية والبريطانية تهربان لبعثرة هذه الضغوط إلى القضايا الدولية وتلجأان إلى أجهزة الأمم المتحدة لتسخيرها في إطار المنافسة السياسية على مستوى العالم ولا تتورع المندوبة الأميركية في مجلس الأمن عن انتقاد أو مواجهة أي جهود منافسة وبرز ذلك واضحاً في موقفها بشأن التدخل الروسي لإدخال تغييرات بملف مرتبط بكوريا الديمقراطية.‏

أشد حالات الصراع بين القوى الصاعدة ونظيرتها التقليدية يظهر واضحاً في كيفية تعاطي القوى الاستعمارية مع الوضع في سورية وإيران واليمن وشمال إفريقيا حيث نشهد استماتة أميركية غربية للحفاظ على التنظيمات الإرهابية في محافظة إدلب تحت ستار إنساني ومحاولات جديدة عبر الأمم المتحدة لإيجاد حل سياسي في اليمن بعد فشل العدوان الخارجي الذي تقوده السعودية في تحقيق أي من أهدافه إضافة لتحشيد (دول الاعتلال العربي) ضد إيران.‏

أما في محور الدول الصاعدة الذي تقوده روسيا فالإصرار على تغليب القانون الدولي ورفض سياسة الهيمنة خيار لا رجعة عنه رغم كل العقبات وهول التهديدات التي تؤخذ على محمل الجد من كلا الطرفين حيث تشهد المياه الدولية في العديد من المناطق مناورات حربية تعكس حالة عدم الاستقرار التي يعيشها العالم.‏

من الطبيعي أن يسأل كثيرون من الشعب السوري عن موعد بدء معركة تطهير إدلب من الإرهاب بعد كل هذا الضجيج الإقليمي والدولي حولها وخاصة من الدول الراعية للإرهاب والجواب مرتبط إلى حد كبير بالظروف والتداخلات الخارجية وكذلك بتوفير كل عوامل كسب هذه المعركة بأقصر وقت ممكن.‏

في ظل هذا الواقع الدولي الذي لم تتضح اتجاهاته بعد يدير محور مكافحة الإرهاب في سورية المعركة لإنهاء الإرهاب في إدلب بحنكة واستراتيجية مرتكزاً على القرارات‏ الدولية وحق سورية كدولة في القضاء على التنظيمات الإرهابية المدرجة على قوائم الأمم المتحدة والفصائل المرتبطة بها ويتفاعل هذا المحور مع كل الطروحات التي توصله إلى هذا الهدف.‏

في كل صراع أو حرب تكون المعارك الأخيرة هي الأشرس لأنها تحسم الطرف المنتصر، وعسكرياً يفسر لجوء أحد أطراف المعركة إلى الإكثار من التهديدات والمحاذير والابتزازات على أنه ضعف ومحاولة لكسب الوقت وهو بالضبط الوصف الدقيق للمحور الداعم للإرهاب الذي لن يكون بمقدوره في نهاية المطاف منع انبلاج (فجر إدلب).‏

إن حال الواقع السياسي للعالم بعد انبلاج (فجر إدلب) لن يكون كما كان من قبل وكل الأطراف المشتركة في هذه المعركة تدرك هذه الحقيقة وخاصة المحور الداعم للإرهاب.‏

2018-09-16