قاسم: الإعلام المكتوب ما زال يتربع على عرش المصداقية الإعلامية وسيبقى أداة أساسية في منظومة الإعلام

لمى محمود


أساس الإعلام هو "الإعلام المكتوب"، وهناك جملة من المعطيات تؤشر إلى أن هذا الإعلام كان وسيبقى أساس أي إعلام مهما تكون التطورات التي تطرأ على هذا الإعلام... هو ذاكرة دائمة ومستمرة وكل أنواع الإعلام الاخرى هو بذاكرة مؤقتة ويمكن تغيبه في أي لحظة... ضمن إطار حرب المصطلحات أطلقنا في صحيفة الثورة ما يقارب "200 مصطلح" في الاستخدام الإعلامي
مجموعة من المحاور تحدث عنها  رئيس تحرير صحيفة "الثورة" علي قاسم في حديث خاص لموقع  "وزارة الإعلام"


التعريف عن صحيفة الثورة وطبيعة عملها بشكل عام ؟
تعتبر جريدة الثورة أقدم جريدة في سورية صدر العدد الأول لها بـ 1/7/1963م ومازال حتى اللحظة دون توقف مرت بمراحل تاريخية مختلفة كانت محاولة أن تكون ذاكرة للوطن وعبرت عن حالة وطنية موجودة وما يتطلبه العمل الصحفي، كانت 8 صفحات وتطورت إلى 12 صفحة ثم إلى 16 وفيما بعد إلى 24 صفحة وبعدها صدرت مجموعة من الملاحق أهمها، "الملحق الثقافي" الذي كتب فيه عشرات المبدعين في سورية أضاف إلى الملحق حقق قيمة إضافية نوعية يفتخر فيها هذا الملحق والصحيفة، وأيضاً هناك صحيفة أسبوعية مازالت تصدر حتى اليوم هي "صحيفة الموقف الرياضي" التي تعتبر الصحيفة الرياضية الوحيدة الرسمية في سورية تواكب النشاط الرياضي ونغطي من خلالها جانب مهم من جوانب العمل الإعلامي..
كان هناك ثلاثة ملاحق : ملحق الشباب والطلبة والمرأة، ولكن توقفت هذه الملاحق الثلاث وبقي الملحق الثقافي مستمرا يصدر بنسخة إلكترونية أسبوعية وورقية على مدى شهر بعدد خاص، بالمعايير الصحفية "صحيفة الثورة" هي الأكثر طباعة وتوزيعاً ومبيعاً وهذا يعود لسنوات طويلة من العمل قام فيه زملائنا من قبل وحاولنا أن نكمل الدرب بحكم أن العمل الإعلامي هو عمل تراكمي متكامل ومستمر.
ولكن ظروف الأزمة تأثرنا بها كما تأثرت قطاعات أخرى اضطررتنا أن نغيب عن الكثير من المحافظات بحكم غياب مؤسسات الدولة، أما الآن نصل تقريباً إلى الكثير من المحافظات "دير الزور والحسكة وحلب"، وبالأخص حلب نظراً لأهميتها حاولنا أن لا نغيب عنها أبداً عن طريق مبادرات وجهود فردية وتمكنا من إبقاء الإصدار في حلب بمعدل 500 عدد يومياً رغم ظروف الحصار، ونتمنى أن يندحر الإرهاب عن إدلب والرقة وتعود الصحيفة إلى هاتين المحافظتين.
الآن المبيع وفق بيانات الشركة السورية لتوزيع المطبوعات نحقق أرقاماً قياسية حقيقة كادت أن يكون المبيع دون مرتجع وهذا يعتبر إنجاز في عمل الصحافة المكتوبة وهو رقم قياسي بالمعدلات الدولية، وهناك عاملين لنجاح الوسيلة الإعلامية، الأول هو الوارد الإعلاني حققنا في عام 2016م رقماً قياسياً لم يحقق خلال الأزمة ولا قبلها وكان الرقم بحدود 165 مليون ليرة حصة الصحيفة من الوارد الإعلاني، المؤشر الآخر هناك رقم مبيع للصحيفة نتكلم عن المبيع المباشر وليس الاشتراك هناك بعض المعلومات المغلوطة أن ما يباع للصحيفة هي اشتراكات نحن نبيع من ١٦ -١٧ الف عدد يومياً عبر منافذ البيع المباشر والقارئ يدفع ثمن الصحيفة؟؟
والآن لدينا مجموعة من أدوات العمل نحاول على تطويرها لم نتوقف في تطوير هذه الآليات حتى خلال الأزمة والحرب التي فرضت على سورية، طبقنا نظام "الورك فلو" هو نظام التحرير الصحفي في الصحافة المكتوبة هذا البرنامج تكلفته عالية لو تم استيراده من الخارج أو الاستعانة بشركات خاصة لإنجازه ولكن بفضل الكوادر في صحيفة "الثورة " من فنيين وصحفيين أنجزنا هذا المشروع وتم تطويره بما يتلاءم مع ظروف عملنا الخاص التي تختلف من صحيفة إلى اخرى دون أي تكلفة.

 

الدور الذي قدمته صحيفة الثورة خلال الأزمة وفي ظل الحرب على سورية؟
لم نتوقع هذه الأحداث ولم يكن هناك احتياطيات لتأمين مستلزمات العمل بشكل فعلي لمواجهة حرب إرهابية لم يشهد لها التاريخ، والهجوم من امبراطوريات إعلامية توفرت لها الإمكانات والطاقات وكوادر مجهزة لهذا العمل الدعائي، ورغم ذلك حاولنا أن نقوم بدورنا في الصحافة المكتوبة كان لدينا ثقة وإيمان أن الكادر البشري هو الأساس الفاعل لذلك لم نتوقف عند ضعف الامكانيات بقدر ما كان لدينا انطلاقة وتأسيس لعمل إعلامي نستطيع من خلاله أن نواجه هذه الإمبراطورية أو نحد من تأثيراتها السلبية.
كما ساهمنا مع المؤسسات الإعلامية في هذه المسألة ونحن في الصحيفة ضمن إطار حرب المصطلحات أطلقنا ما يقارب "200 مصطلح" في الاستخدام الإعلامي سواء عن طريق " مقال الرأي أو الافتتاحية أو الخبر.." كما أطلقنا زاوية اسمها "نبض الحدث" على الصفحة الأولى وهي مبادرة نوعية في تحريك العمل الإعلامي.. وكنا ندرك أن هذه الحرب في جزئها الأساسي هي إعلامية فكان لابد من العمل بمؤازرة والوقوف مع الجيش العربي السوري في خنادقه وبتغطية مباشرة، وما قدمه الإعلام السوري في هذه المرحلة وجزء منه صحيفة الثورة كان موضع اهتمام بدليل أنه استهدف هذا الإعلام وتعرضنا ككل المؤسسات الإعلامية بالاستهداف المباشر من قذائف الغدر وقدمت شهداء وجرحى، وبين قاسم هذا الإطار العام الذي حاولت من خلاله الصحيفة أن تتعاطى مع حدث شديد الخصوصية يتطلب التركيز الشديد والمتابعة المباشرة.

أهمية الصحافة المكتوبة بين وسائل الإعلام الأخرى.. وهل تأثرت بالتطور الذي شهده الإعلام الإلكتروني؟
أساس الإعلام هو "الإعلام المكتوب"، وهناك جملة من المعطيات تؤشر إلى أن هذا الإعلام كان وسيبقى أساس أي إعلام مهما تكون التطورات التي تطرأ على هذا الإعلام بدليلين: هناك ما يشبه القناعة أن الإعلام المكتوب تراجع نتيجة ظهور "الإعلام الجديد" ولاشك أنه تأثر بشكل طبيعي ضمن إطار الظروف، ولكنه بدأ يستعيد حضوره لان الإعلام المكتوب هو ذاكرة دائمة ومستمرة وكل أنواع الإعلام الاخرى هو بذاكرة مؤقتة ويمكن تغيبه في أي لحظة" كــ "التلفزيون والإعلام الإلكتروني"، ولكن المكتوب يتحول إلى وثيقة تحكى، بالإضافة إلى أن الكثير من الصحف الغربية ألغت طبعتها الورقة ولكن سرعان ما عادت إليها، لأنها وصلت لقناعة بأن النسخة الورقية وجود لابد منه رغم وجود النسخة الإلكترونية، والإعلام المكتوب ما زال يتربع على عرش المصداقية في مسألة الاستناد عليه فيما يخص السياسة وغيرها، ومازالت مراكز البحوث تعتمد في تصدير منشوراتها على الإعلام المكتوب وتعتبره هو الأساس بما تريد توثيقه. الأدوات المتوفرة أمام الإعلام المكتوب هي أدوات متواضعة لم يتم تطويرها على الإطلاق نتيجة ظروف ومعطيات مختلفة، وأدوات العمل التقني لم تواكب التطورات العالمية وهي من العيوب التي نعمل على تجاوزها... والإعلام المكتوب كان وسيبقى أداة أساسية وأحد أهم أنواع الإعلام، كما أن آلية عمل الإعلام المكتوب تصنع كادر إعلامي حقيقي تخضع لعملية تدريب لا تتوقف أبداً، وهذه ميزة قد لا تتوافر في أنواع الإعلام الاخرى وينتج كوادر إعلام تستطيع أن تعمل في أي نوع إعلامي آخر، الإعلام المكتوب ليس مقال تكتب هي قصة مختلفة تماماً.
كما لدينا صفحة الكترونية " الثورة أون لاين" وهي مستقلة إدارياً ومالياً وصحفياً عن الصفحة الأم، وهي تتعاطى مع تقنيات العمل الإعلامي الإلكتروني وفق ظروفه وشروطه، هناك تحديث للخبر بشكل دائم ومستمر ومتابعة يومية، والمواد التي تنشر هي ذات طبيعة خاصة تتوافق مع طبيعة عمل الإعلام الإلكتروني... لدينا صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي و توتير خاصة بالجريدة وبموقع "الثورة أون لاين" وعليه، وآخر دراسة لأحد الشركات الوطنية تبين أن عدد المتابعين اليومي للصحيفة بين ٣٠-٤٠ ألف زائر.


واقع الصحف اليوم وإلى ماذا تفتقر؟
تفتقر إلى أدوات العمل وأحيانا إلى إلى الإيمان بدورها، وتفتقر أحياناً إلى التعاطي بجدية مع بعض المسائل لابد وبالتالي لا بد من من تطوير ذاتها وهي تحتاج لذلك لكي تستطيع أن تواكب التطورات أو لمواجهة التحديات التي يتعرض لها الإعلام المكتوب، بدءاً من الأدوات والآليات وصولاً إلى طريقة التعاطي مع الأحداث إلى رؤية أكثر وضوحا وبالتالي ملاحظة التحول الحاصل في وظيفة ودور الإعلام ،هذا التحول الذي يجب أن يعمق ويطور ويجب أن توفر له العوامل الموضوعية لكي يأخذ طريقه بشكل فعلي، وأساسه وجوهره أن دوره تحول إلى صحافة رأي أكثر منه صحافة الخبر، لأن في صحافة الخبر لا تستطيع أن تنافس وهذه حقيقة نقر بها بالإعلام المكتوب ولكن تستطيع أن تنافس في مجالات عمل اخرى " كالرأي والتحقيقات..." لذلك يجب أن يتم التركيز على إغلاق الثغرات الموجودة.، والعمل على الاستفادة من التحولات الحاصلة لتكون في مصلحة الصحافة الورقية، وهي متاحة وممكنة ببعض الجهد وقد بدأت الخطوات بهذا الاتجاه.


ماهي التطلعات والطموحات بعمل الجريدة للمرحلة القادمة؟
نتشارك مع الإعلاميين طموحنا على المستوى المؤسسي والصحفي، ونستعيد حضورنا الذي كان قائماً ما قبل الأزمة والمتابعة بدقة وتفاصيل،  وأن نكون مشاركين حقيقين في عملية إعادة البناء، وأن يكون هناك تفهم لدور الإعلام بشكل صحصح ودقيق وأن تتوافر الظروف الموضوعية لأداء إعلامي حقيقي على المستوى العام...طموح الصحيفة والعاملين فيها أن نسترجع الحضور الجماهيري الذي كان قائما وأعداد المبيع التي كانت تلامس عبية المائة ألف وإعادة إطلاق الملاحق التي كانت.
ولدينا أيضاً مشروع " التوقيع الرقمي" وهذا كان نتيجة وجود بنية تحتية للصحيفة وأنجزنا ايميلات داخلية للتعاطي الإلكتروني وإلغاء المراسلات الورقية عبر المحررين ورؤساء الأقسام ولكل المؤسسة بفروعها في المحافظات، ونقول أن البنية التحتية الإلكتروني جاهزة والصحفيون قادرون على التعاطي معها عندما تعتمد من قبل الحكومة وهذا ما نعمل عليه بشكل فعلي، وحضرنا البنية التقنية لمؤسسات الإعلام التابعة لوزارة الإعلام وأجرينا دورة عن مسألة التوقيع الالكتروني في صحيفة الثورة، واعتقد أن وزارة الإعلام هي الوزارة الأولى التي تستطيع أن تباشر بتنفيذ التوقيع الرقمي عندما يعتمد من الحكومة.
ونتمنى أن تراعى الظروف التي تمر بها المؤسسة بشكل حقيقي وتوفير أدوات العمل التي نحتاجها ككل المؤسسات الإعلامية، وأن نكون كما نحن نعبر عن ذاتنا وكما نقول بشعار صحيفة الثورة " نبض الحدث" ونضيف عليها ملحقا آخر "عين المجتمع ونبض الحدث".

 

2017-11-27