أولاد القطط..

بقلم : محمد البيرق

لم يعد خبر حيازة السعودية الكثير من السلاح سرّاً عسكرياً يسكن أدراج الدول العظمى "التجار"، ولا "الدولة" المكنّاة باسم عائلتها الحاكمة، التي تعدّ ثاني أكبر زبون لشراء الأسلحة في العالم.

حتى نحن ـ العرب ـ لم يعد تدهشنا مبالغها الطائلة المستحقة الدفع لزوم السلاح، ولا حتى تخزينها له لغايات هي أبعد ما تكون فلسطين هي الميدان المستهدف تحريره.

السعودية باتت اليوم تعاني نقمة شعبية آخذة في الازدياد مع ظروف التضخم وغلاء المعيشة والبطالة والفساد، والتي باتت في حالة "نضج" لخلق أصوات تجرأت على التعبير عن آراء مخالفة لآراء نظام بني سعود، ليقوم سالف الذكر بحملة اعتقالات واسعة الانتشار طالت عدداً كبيراً من المفكرين و"الزعماء الدينيين".

تتزامن هذه المعطيات مع تورط السعودية في الحرب العدوانية على اليمن، ومشاركتها في سفك الدم السوري، وتصديرها إرهابيين انتحاريين تزرعهم "قنابل موقوتة" في كل دول العالم، تتحين فرص "الأمن والاستقرار" لتشعل فتيل إرهابها أينما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، هذا إضافة إلى حرب جديدة تخوضها السعودية ضد قطر شريكها السابق في دعم الإرهاب.

في اليمن ستلقى السعودية حتفها، وفي سورية ستعلن قريباً استسلامها، أما بشأن أزلامها الذين "زرعتهم" في أرجاء العالم فلابد أنه سيرتد كيدها يوماً إلى نحرها، ومشكلاتها مع قطر لن يكون آخرها اتّهام الموقوفين السعوديين بأنهم يتلقون الأوامر من "الدولة" التي لم تعد حليفة، وباتوا جزءاً من المؤامرة القطرية، ليصير اسمهم أتباع قطر…

مدعومون من قطر!! ممن؟ من قطر"!"

اللهم الشماتة.. اللهم الشماتة

عادة عندما تنحصر القطط في الزوايا وتضيق بها الحال وتجوع تبدأ بأكل أولادها، وهذا ما يفعله النظام السعودي اليوم داخلياً، ومع «دولة» كانت قبل مصلحة تعدّ ابنة لها.

الإعلامي السعودي جمال خاشقجي كتب مقالاً في "الواشنطن بوست" الأمريكية يعلن فيه انقلابه على "وليِّ نعمته"، ويقول إنه "لن يصمت بعد الآن"!! والملاحظ أن المقال تمّ نشره في صحيفة "الواشنطن بوست" الأمريكية تحديداً… خاشقجي الكاتب والصحفي في جريدة "الحياة" السعودية، والذي لطالما كان مقرباً من العائلة الحاكمة، والذي يمثل أحد الديماغوجيين المهللين "لجلباب النظام" يعلن انشقاقه! ليثور السؤال المهم: هل بدأت أمريكا تحضّر نعشاً لنظام بني سعود؟ فبدأت باستعمال أدواتها الناعمة في التحضير لدفن عميلها الذي بات يشكو منه القاصي والداني في الخريطة العالمية، فهو الداعم والمصدّر للإرهابيين في العالم أجمع…

وهل بات النظام السعودي، بشكله الحالي، حمولة زائدة على الساسة الأمريكيين، تعمل أمريكا جاهدة للخروج من التزامات تجاهه قام بها رئيسها ترامب وهو يرقص رقصة السيف مع الملوك، وتسعى وهي "القط الأكبر" لأكل ذلك النظام الواهن ربيب الأمريكان.

وعود على بدء، فالسعودية التي تكدّس السلاح في مستودعاتها، وتدعم الفكر التكفيري في العالم وتتدخل في شؤون البلاد والعباد في كل أنحاء المعمورة، تعاني واقعاً اقتصادياً سيئاً ومتوتراً يؤكد أن النظام السعودي يعيش حالة من اللااستقرار سواء مع دول المنطقة أو في بيته الداخلي، وهذا ما أكدته صحيفة "لي أوكي ديلا غويرا" الإيطالية، التي وصفت الوضع الراهن للسعودية بقولها: إنها تغرق ولن يستطيع أحد إنقاذها.

فهل بدأت "مملكة الرمال" تلك تتقاضى حساب ما اقترفته أيدي "نظامها" الملطخة بدماء المدنيين العرب والمسلمين في الكثير من دول العالم، وليطبق عليها ماجاء في كتاب تردد آياته لكنها لا تؤمن به: "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب".

 

2017-09-24