كميل شامبير.. رائد البيانو السوري مكرماً بمهرجان الملحنين السوريين الأول

وزارة الإعلام
 

كان فنانا من نسيج خاص امتلك ناصية علوم الموسيقا الغربية والعربية ما انعكس على عمله الفني وأهله ليتبوأ مركز الصدارة بين أهل الفن.. انه الموسيقي السوري الكبير كميل شامبير.

كميل شامبير الذي يكرم في الدورة الأولى لمهرجان الملحنين السوريين بدار الأسد للثقافة والفنون ولد في حلب عام 1892 وظهرت ميوله الموسيقية منذ سني طفولته الأولى فما كان من أسرته إلا أن دفعت به باكرا لتعلم الموسيقا وعلومها فأتقن في الخامسة من عمره العزف على عدة آلات موسيقية مثل الكمان والعود ثم البيانو الذي شغف به وفي مرحلة تالية تعلم العزف على الالتين الهوائيتين الترومبيت والكلارينيت.

تميز شامبير بحسب المرجع العلمي الموسيقي “مبدعو الالحان السورية في القرن العشرين” الصادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب عن غيره من الموسيقيين بانه تلقى العلوم الموسيقية من مناهل شتى فدرس الموسيقا العربية والغربية وخطواته الأولى كانت في مدرسة الفرنسيسكان عبر فرقة موسيقية نحاسية من الطلاب الموهوبين في الموسيقا بالمدرسة وبسبب ذكائه وموهبته المتقدة اسندت اليه رئاسة الفرقة وخلال دراسته تعلم العزف على آلة البستون “البوق”.

وعندما بلغ الخامسة عشرة من عمره سافر إلى الأرجنتين وأقام في العاصمة بوينس ايرس سنة كاملة مارس خلالها بعض النشاطات الموسيقية لكن حالته الصحية ساءت فعاد إلى حلب وبعد تحسن حالته سافر عام 1908 إلى إيطاليا حيث درس فيها العلوم الموسيقية الغربية واطلع على روائعها وبصورة خاصة فنون الأوبرا والأوبريت اللتين تعتبر ايطاليا مهدهما الأول وبعد انتهاء دراسته عاد إلى حلب ليعمل فترة في تدريس الموسيقا بالمدرسة الشيبانية.

عندما اندلعت الحرب العالمية الأولى عام 1914 قام الاحتلال العثماني بتجنيد الشباب العربي لارسالهم إلى الحرب فقرر شامبير السفر إلى القاهرة وفي مصر تعرف على عمالقة الموسيقا فيها وفي مقدمتهم السيد درويش وكامل الخلعي.

بداياته في كتابة وتلحين الأوبريت كانت مع نجيب الريحاني وفرقته إذ كتب ولحن له شامبير ثلاث مسرحيات بأسلوب الاوبريت ومنه تعلم المصريون تلحين فن الاوبريت وقبله كان المسرح الغنائي مزيجا من المشاهد الدرامية والأغنيات غير المترابطة وأهم المسرحيات التي لحنها للريحاني “حمار وحلاوة” وظهرت فيها للمرة الأولى الشخصية الكوميدية “كشكش بك” التي اشتهرت في مصر والوطن العربي كما قاد شامبير الفرقة الموسيقية لسيد درويش أثناء تقديم بعض مسرحياته في القاهرة.

بعد الريحاني انتقل كميل شامبير للتعاون مع فرقة أمين عطا الله فكتب ولحن لها العديد من الاوبريتات كرس فيها شخصية كشكش بك ومنها مسرحية شد حيلك عام 1921 ومسرحيات رن والملك كشكش والغريب البائس كما عمل شامبير مع فرقة عبد الله عكاشة فألف ولحن لها عددا من الاوبريتات.

بعد خمس سنوات من النشاط الفني الدؤوب لم يعرف فيها شامبير الراحة عاد إلى مسقط راسه حلب عام 1922 وفيها بدأ مرحلة جديدة من مسيرته الفنية فساهم في تأسيس عدد من الاندية الموسيقية منها “النادي الموسيقي” بالتعاون مع الشيخ علي الدرويش والشاعر عمر أبو ريشة ومن نشاطاته المهمة في التاليف والتلحين في هذه المرحلة أوبريت حلب وقدمت على أحد مسارح الشهباء وكان يتردد بين الفينة والأخرى إلى دمشق ليقوم ببعض النشاطات الموسيقية وفي إحدى زياراته أصيب بنزلة صدرية حادة أدت إلى وفاته عام 1934.

عبقريته الموسيقية إضافة إلى تلحين الأوبريتات تجلت بشكل خاص في اتقانه آلة البيانو إتقانا تاما ليس عزفا فقط وإنما تعمق فيها وكشف أسرارها فاستطاع أن يخضع هذه الآلة الغربية للنغمات العربية من خلال التعديلات التي ادخلها عليها فضبط أوزانها لتكون قادرة على إخراج الالحان العربية فكان إذا أراد نغمة شرقية فيها أرباع الصوت التي لا توجد في البيانو عمد إلى مفتاح الدوزان الذي كان يحمله دائما في جيبه فيصلح اوتار البيانو ثم يعزف النغمة.

في مجال التلحين توزعت ابداعات شامبير في مختلف الاشكال والقوالب الغنائية كالاوبريتات والاناشيد والمونولوجات والطقاطيق حيث لحن مجموعة من الاوبريتات التي قدمتها كبريات الفرق المسرحية في مصر وسورية كتب بعضها وترجم واقتبس بعضها الآخر عن اوبريتات ايطالية وهذه الاوبريتات غير المذكورة سابقا منها توسكا والمروءة والحب والمجرم وساعة الحظ ويا مولع وغني وفقير وليالي الانس وجميعها من نوع الأوبرا الهزلية.

ومن الاناشيد التي لحنها بغداد والشوق ولبنان وقومي والحرية والراية ووطني والكلمة ويا بلبل الأوطان غرد ووطني افديك بدمي وسورية الجميلة ويا بلادا في جبين الشرق وغيرها.

في حين توزعت المنولوجات التي لحنها شامبير ما بين طربية منها نبئيني يا حمامة وسكن الليل وأيها العصفور وكفاية وعدك ونجمة الليل وحرام يا عين وحامل الهوى تعب و اذكريني والزهور وأيها العزال والخيال وأتت هند تشكو والنوع الاخر منولوجات ناقدة منها يا بنت البلد وشبان اليوم وابن الموضة.

اما الطقاطيق فهي نويت اسيبك خلاص نويت ووحياة عيني ما اميل للغير ويا زمان مش كفاية وطول بالك وزفة العروسة ويا زمان الشباب ويا ورد يا فل والدنيا دي ضحكة ولعبة ويا ما رحت ويا ما جيت ويا عصفورة الجنة والليلة ليلتي وبالتكسي يجري يجري وبالذمة با افندية.

وفي مؤلفاته الموسيقية ابدع شامبير مجموعة من المارشات منها “سورية” والمقطم والاتحاد والنهضة وسجل على اسطوانات الكثير من التقاسيم على التي البستون والبيانو من مقامات مختلفة.

كما أبدع مجموعة من المقطوعات الموسيقية منها رقص الهوانم ورقص مصري ورقص بلدي ورقص الغندورة والزهرة الذابلة والخيال والمجرم وابنة الوادي وغروب الشمس و دمعة فوق القبور والصباح وفي البحث الموسيقي وضع كتابا بعنوان “أصول تركيب الأنغام”.

إضافة إلى الجانب الموسيقي خاض كميل شامبير غمار الكتابة الأدبية والزجلية فابدع بعض المقطوعات التي القاها في مناسبات عديدة.

 

2017-09-15