باختصار : عنزة ولو طارت

وزارة الإعلام

 

زهير ماجد

كانت قيادة حزب الله تعرف ردود الأفعال السيئة للبعض من العملية التي خاضها الحزب ضد جبهة ” النصرة ” ، هكذا أخبرني أحد المقربين، لكن الحزب لايعمل بردود الافعال، وهو من اعتاد على مواقف لايمكن ان تتغير حتى لو قدم لها الشهد.


لا يفكر اكثر السياسيين بل جلهم، بمنطق التاريخ، بما تعنيه الايام القادمة، بل المستقبل. اكثرية هؤلاء يعملون على يوميات وعلى تراث فكري ان كان سيئا فلا يغيروه، وان كان جيدا فلا يضيفون عليه اذا اعتبرنا ان الفكر لايجمد عند حد وان الاجتهاد من طبيعة الاحزاب الطليعية.


ليس من سياسي عاقل الا ويرهن نفسه للتطورات كي يتلاءم معها. وليس من كاتب مهما كانت انتماءاته، الا ويتحسب للآتي، بل يعمل على تطوير مفاهيمه بناء على ماحدث وليس من خلال موقفه الثابت.


اذا كان العالم مشدوها بما قدمه حزب الله من نصر سريع ( اربعة ايام) على جبهة عريضة ومعقدة تضاريسها وعلى قوة معادية جاهزة للقتال، وانه لابد ان تضاف تلك النوعية من المعارك الى سجل المدارس العسكرية، فلماذا وضع الرأس في الرمال كالنعامة، ولماذا التشكيك، ولماذا الدواخل المريضة التي من الصعب ان تشفى نتيجة عقد، واحلاها اموال مدفوعة.


انه مفهوم العنزة ولو طارت، فعل النكايات والكيد يطغى على المنطق، واكاد ارسم صورة هي مشوهة في الاصل لهؤلاء الذين كانوا سيفرحون لو ان حزب الله فشل في خطته، تماما كما انزعجوا من عودة حلب الى الحضن السوري، وعودة الموصل الى السيادة العراقية، ولسوف ينزعجون اكثر، بل قد تتلف اكبادهم عندما يصيح صبح قريب ليقول بان سورية انتصرت في كل مواقعها وهاهي ترتب بيتها الداخلي لتبدأ الاعمار بايدي ابنائها الذين بنوا بلادا لامجال لذكرها وتحت رعاية الرئيس الاسد.


لم يخطيء الامين العام لحزب الله حسن نصرالله حين ردد انه جاء زمن الانتصارات وذهب زمن الهزائم. صحيح انها جملة اثيرية يمكن ان تقال هدفا للجمهور، الا انها حقيقة وفيها مثلان حصلا، الاول في العام 2000 بعودة الجنوب اللبناني الى اهله من خلال مسيرة طويلة من العمل المقاوم، وحرب العام 2006 التي قدمت شهادة واضحة على صحة تلك الجملة، التي نعرف تماما ان اسرائيل ماكان لها ان تسكت كل هذا الوقت الطويل على هزيمتيها، لولا انها تعرف ماذا ينتظرها في الميدان من مفاجآت لن ترى مثيلا لها قد تضعها امام مصير وجودي، وكان مؤسسها بنغوريون قد قال يوما ، اذا خسرت اسرايل حربا وكسر جيشها قضي عليها.


اضاف حزب الله اذن فرصة للاسرائيلي كي يزيد من تردده في خوض الحرب بعدما قدم معركة نظيفة وسريعة وحاسمة .. كما اضاف الى الواقع اللبناني متانة داخلية، وفي مفهوم الحرب الشاملة على الارهاب ، قدم نقلة كبيرة نحو خطوات مشابهة.


ان خير مايقدمه اهل ردود الافعال السلبية ان يستمروا في التعبير عن مواقفهم لأن المجتمع لفظهم وليس لهم ادنى تأثير .. بل ان مايجب ان يقوم به حزب الله من خلال مفهومه الاستراتيجي للمعركة الكبرى في المنطقة عموما وفي لبنان خصوصا، سيقدم عليه ناسيا ان ثمة اقلاما او افكارا سياسية من الصعب ان تلحق بالحقيقة كونها متخلفة عنها.

2017-07-26