الموسيقا.. طقس ديني وبرنامج علاجي خاصة للمصابين بالسرطان

وزارة الإعلام


"هي ابنة الملامح الصامتة، ووليدة العواطف الكاشفة عن نفسيّة الإنسان، الواعي لحقيقة ما".. هي لغة النفوس والتي تطرق أبواب المشاعر، إضافة إلى أنّها تنبّه الذاكرة، ليست فقط لغة العواطف، وإنّما هي أيضاً لغة لكلّ من الفهم والفكر.. إنها الموسيقا في عُرف الشاعر والكاتب اللبناني جبران خليل جبران.. وهي تلك الأصوات المتوالية بنظام.. المتسقة بذوق وجمال.. المتآلفة في عبارات وجمل لحنية.. عذبة تلامس القلب قبل العقل وتخاطب الشعور والوجدان قبل الفك هي الموسيقا لغة العالم والشعوب..


ولما لها من أثر في كل مناحي الحياة جاء إطلاق اليوم العالمي للموسيقى من قبل وزارة الثقافة الفرنسية ﻷول مرة عام 1982 تحت شعار (اعزف موسيقا في عيد الموسيقا).. هذه اليوم الذي أصبح مناسبة للتنافس بهدف النهوض بالذوق الفني والثقافي للناس وخلق جوٍّ من التواصل الفني وتبادل الأفكار، فالموسيقى تساهم في خلق جو ثقافي وحضاري تمارس في ظله العديد من المواقف والآراء والتوجهات الفكرية والثقافية التي يُبادر الكلُّ إلى محاولة جعلها مجالاً للتنافس والتواجد.


ومن ثم تحول هذا العيد إلى تظاهرة تقيمها أكثر من 120 دولة في العالم وخصوصية هذا الاحتفال أنه يقام في الأحياء والساحات والبيوت القديمة بدلاً من الصالات التقليدية. واعتبر هذا العيد عيداً وطنياً في معظم البلدان الأوربية حتى أن فرنسا فتحت أبواب قصر الاليزية أمام الجمهور لإحياء هذه المناسبة.


وكانت الحضارات القديمة في كلّ من اليونان، ومصر، والصين، والهند، تمكنت من الوصول لسحر وأثر الموسيقى على الإنسان، لنجدهم قد قاموا باستخدامها في طقوسهم الدينيّة، كوسيلة للسموّ والوصول عن طريقها إلى درجة الشفافيّة.


في سورية وخاصة حلب لابد أن نخصص لها جزءاً كبيراً من الحديث عن طقوس هذا اليوم، لان حلب تملك مخزون ثقافي فني كبير فهي مدينة الطرب ووريثة النغم والموسيقا العربية.


اعتادت مدينة حلب المبدعة قبل الحرب على سورية أن تدخل احتفالية اليوم العالمي للموسيقا لخلق التواصل بين الثقافات والحضارات والآن عادت من جديد، لتعمل على أنشطة وفعاليات متنوعة ومهرجانات موسيقية، وتنظيم حفلات مجانية مفتوحة أمام عشاق الموسيقى والهاوين والمحترفين من أجل بنية تتمتع بالسلام العالمي والتطور والانفتاح بعيداً عن الانعزالية والثقافات السطحية وتطور الموسيقى التراثية والفلولكلور الشعبي ونقلها إلى الآخرين .


فما من بلد عربي نال الشهرة والصيت في فن الموسيقى ما نالته مدينة حلب. وما من بلد عربي أخرج عددآ كبيراً من المبدعين والفنانين بقدر مدينة حلب التي اعتبرت من أشهر المدن في القدود والموشحات الحلبية التي وصل صيتها إلى أوروبا.


ووفق توصيف إذاعة BBC البريطانية يعود لموسيقى هذه المدينة الفضل في تأسيس القواعد الموسيقية وإيقاعاتها حيث أخذ أعضاء فرقة حلب للموسيقا العربية يدخلون من باب جانبي (الايوان -عازفو الكمان -عازفو اﻵﻻت الصولو -قانون -عود-ناي) وصوﻵ (للتشليو) والجانب الآخر عازفو الإيقاع (رق -طبلة -مزهر ).


عود على بدء.. للموسيقا أثر مادي ونفسي في حياة الانسان من خلال تأثيرها على الجهاز العصبي من خلال ذبذباتها التي تخدّر الخلايا العصبيّة، فتؤدي للاسترخاء، والقضاء على مسبّبات الألم. كما يؤدي سماعها الى تقوّية الجهاز المناعيّ، ومساعدة الجسد على التغلّب على الداء، عن طريق تمكين الدماغ من إفراز مادة كيميائيّة تسمى ( الأندروفين )، والتي تقوم على تخفيض الكثافة المتركّزة في الدماغ، وبالتالي تقلّل من الشعور بالألم.


كما أنها تعبّر عن عواطف الإنسان التي لا يستطيع التعبير عنها بالكلمات، فهي امتداد لرغبته الطبيعيّة في التعبير عن ذاته.


علم النفس الحديث أكد على أهمّيّة الموسيقى في توجيه الفرد نحو السلوك الجيّد، فيما لا بد أن نشير ختاماً الى أن الموسيقى قد أدخلت في قائمة البرامج العلاجيّة في العديد من المستشفيات الخاصّة بالأطفال حيث تعمل الموسيقا على تهدئتهم، وربّما جاءت هذه الفكرة من عادات الأمهات اللواتي يقمن بالغناء لأبنائهم قبل النوم، وتعتبر الموسيقا أيضاً علاجاً فعّالاً للمرضى المصابين بالسرطان وبعض الأمراض الأخرى.

 

 

 

 

 

 

 

 

                                                                                                          

2017-06-27