باختصار: الحروب وبيع السلاح!

وزارة الإعلام

 

زهير ماجد

فيما كانت الحرب العالمية الثانية على حرارتها العالية، بدمارها الرهيب وقتلاها بالملايين، جاءت الولايات المتحدة من وراء البحار لتشترك فيها، كان بإمكانها أن لاتفعل فتبقى بمنأى عن أي خطر، لكن قرارها انغماسها في الحرب جاء من أجل الدخول إلى العالم عبر تلك البوابة، وربما أيضا لعلم قادتها أن انتصارها فيها سيعزز وجودها ويجعلها سيدة هذا العالم، خصوصا وأنه لم يكن معروفا بدقة واقعها التسليحي المتقدم، وكان الأهم أن الشركات الأميركية المنتجة للسلاح كان عليها أن تلعب دورا في دفع بلادها إلى الحرب كي تؤمن إنتاجها وعمل مئات الآلاف من العمال.


لكن دخول أميركا الحرب ضد اليابان كان لافتا، حين قرر اليابانيون الإغارة المكثفة على الأسطول الأميركي البحري بطائرات الكاميكاز الشهيرة التي بلغت شهرتها أنها تحولت إلى عمليات انتحارية لدى الطيارين اليابانيين، كان وزير الدفاع الأميركي آنذاك ايزنهاور، ويقال إنه كان على علم بالغارة اليابانية التي دمرت الأسطول تماما وقتلت آلاف الجنود، لكنه سكت عنها كي يتمكن من إعلان الحرب على اليابان ومن ثم إلى رمي قنبلته النووية على إحدى مدنها لاحقا.


عندما تتوقف الحروب عادة تصاب الدول المنتجة للسلاح وخصوصا الولايات المتحدة بتوقف إنتاج السلاح مما يعني بطالة عمالية بمئات الآلاف. وأغرب الحروب التي عاشها العالم ولم تتوقف فيه الولايات المتحدة عن الخوض في غمارها لهذه الأسباب، هي حرب فيتنام. إذ تقول معلومات تلك الفترات،إن شركات تصنيع السلاح كانت ترسل إنذارات إلى القيادة السياسية بأن التوقف عن الحرب يعني كارثة اجتماعية هائلة.. وما زلت إلى اليوم أتذكر تلك المعلومات عن تلك الأيام الساخنة التي جرب فيها الأميركي جميع أنواع اختراعاته من السلاح المدمر. ومن عادة الحروب، اكتشاف أداء الأسلحة الجديدة كما جاءت على الورق. حتى أن أكثر الحروب تقام لهذه الغايات كما قيل.


المشكلة أن الدول التي لاتصنع السلاح تصبح مرتهنة سياسيا لمن يصنعها، وكلنا يعرف أن أصغر الدول وأكبرها لديها جيوشها التي تحتاج لأنواع كثيرة من الأسلحة. من المؤسف أن العرب لديهم الإمكانية التي تتيح لهم ممارسة تلك الصناعة بكل جودتها ونوعيتها .. المسألة تحتاج إلى مال وهذا متوافر، وإلى عقول وهو أيضا متوافر، وإلى سوق، لعله موجود وتحتاجه جميع الأقطار العربية بلا استثناء إذا اعتبرنا على الأقل أنها في حالة عداء مع إسرائيل.

هذه النقطة معقدة لتداخل عدة قضايا فيها لامجال لشرحها في هذه العجالة، لكنها تعني في النهاية،أن هذه الصناعة لن يكون لها مكان في العالم العربي، رغم أن إيران المحاصرة نجحت كثيرا في هذا المجال، ثم كوريا الشمالية، والآن الصين بقفزتها الجديدة، ناهيك عن دول معروفة لها باع طويل فيه.


كل دول العالم تحلم بأن يكون لها جيش قوي، لكنها تحار من أين مصدره؟ وحسب المصدر يكون معنى الارتهان السياسي كما قلنا. أول ماكتبه لينين حين تسلم السلطة في روسيا كان إنشاء جيش قوي، وفي فلسفة الثورة المصرية كان الجيش القوي أحد مرتكزاتها.


أكبر سوق تجاري في العالم هو سوق السلاح،أسعاره هائلة، وأرباحه كذلك، وهو يخضع عادة لسمسرة ماهرة بحيث إن سماسرتها هم الأكثر ثراء في العالم أيضا، وكانت أسماء معروفة في العالم العربي قد لعبت أدوارا لاتنسى.

2017-06-17