جراحة قيصريّة في الوعي العربي

وزارة الإعلام

 

نبيه برجي

سفير عربي سابق في واشنطن إذ يدعو الى الواقعية، ويردد أمام من يلتقيهم أن ما يقوله إنما هو رأي كل المسؤولين العرب دون استثناء، يسأل "تريدون تحرير فلسطين انبشوا قبر عنترة بن شداد، وليدخل على رأس جيش جرار الى البيت الابيض".

 

القرار الوحيد والمنطقي، الذي يمكن أن تتخذه القمة العربية، في مؤتمرها المقبل, إما أن تدعو بنيامين نتنياهو للمشاركة في القمة، وفي صياغة القرارات، أو أن تشكل وفداً من الملوك والرؤساء والتوجه الى أورشليم للقاء رئيس الحكومة الاسرائيلية.

في نظر سعادة السفير أن تلك المبادرة إما أن تشكل الضربة القاضية لبنيامين نتنياهو حين تعريه أمام العالم، أو أن تشكل الصدمة السيكولوجية التي تحمله على إعادة النظر في العرب..
لا داعي لقيام الدولة الفلسطينية ما دامت "اسرائيل" ستتحول الى دولة شقيقة ويتداخل فيها النص التوراتي مع النص القرآني، لتدخل المنطقة في الحقبة الذهبية. المال العربي والتكنولوجيا اليهودية....
في هذه الحال "لا تستغربوا أن تصبح فرنسا مستعمرة جزائرية، وأن تنحني الملكة اليزابيت أمام أحمد أبو الغيط".

يدعونا الى التصور "ماذا لو قبل العرب بقيام اسرائيل، واعترفوا فيها في 15 ايار 1948، بدل حالة العداء، وبدل الحروب التي سقط فيها آلاف العرب ومعهم آلاف الكيلومترات المربعة؟". حتماً كانت "اسرائيل" قد تلاشت أو ذابت في الأوقيانوس العربي، وعاد اليهود الى زمن البداوة بعد أن تسقط من أدمغتهم كل ما أتوا به من حمولة ثقافية.

في رأيه أن المسألة لا تحتاج سوى الى خطوة واحدة. فعل ذلك أنور السادات ولم يأبه بالعرب الذين طالما رأى فيهم غابة من عيدان الثقاب. تشتعل بسرعة وتهمد بسرعة. وفعل ذلك الملك حسين فمن هي الدولة العربية التي لا ترتبط بعلاقات وثيقة، وأحياناً علاقات استراتيجية، مع الأردن؟...

لا، لا، المسألة تحتاج الى الشفافية، فالعلاقات الخفية، والحساسة جداً، بين بعض الدول العربية واسرائيل تجاوزت بكثير علاقات القاهرة وعمان بها. الكل يعلمون ذلك ويدعون أنهم لا يعلمون، معتبراً أنه آن الأوان، والخطر الإيراني يدق كل الأبواب، أن نعلن على الملأ "وحدة المسار والمصير" مع "اسرائيل".

ويقول أن دونالد ترامب، بـ "براغماتيته الخلاقة" يعمل في هذا الاتجاه، وبالحرف الواحد قال لحاكم عربي "هكذا ستكون بتصرفكم أكثر من مائتي قنبلة نووية، ويصبح مفتاح مضيق هرمز بأيديكم".

ويقول السفير أنه التقى شمعون بيريس أكثر من مرة ولساعات. وكان رأي الرئيس "الاسرائيلي" الراحل أنه لو قام "الحلف الابراهيمي" بين العرب واليهود لغيروا وجه العالم...

والمثير أنه يصف المفكر الفلسطيني الكبير إدوار سعيد بـ "المتهور" حين اعتبر أن الأميركيين يريدون العرب خدماً لليهود، حتى إذا ما قام ذلك النوع من السلام العشوائي أو الـلا متكافئ عاد العرب الى ثقافة الإبل...

السفير العربي السابق في واشنطن لا يرى سبباً للمضي في تبديد الوقت، والمال، والدم. حان وقت الواقعية والجرأة ليغدو العرب واليهود في خندق واحد بدل أن يتقاتلوا على الجغرافيا.
أمام الفلسطينيين الذين لم تكن لهم دولتهم يوماً مساحات شاسعة من الأراضي ليقيموا دولتهم.كل الشعوب، بمن فيهم الفلسطينيون أنفسهم، عرفوا الهجرات الكبرى وكانوا أكثر استقراراً، وازدهاراً، في الأرض الجديدة التي حلوا بها...

بعد كل هذه، هل غريب أن يقول "ذات يوم فكر تيودور هرتزل بدولة يهودية في ليبيا، بثرواتها الهائلة وبسكانها القلائل، فلماذا لا يكون هذا حلم محمود عباس وخالد مشعل وغيرهما  في دولة فلسطينية على الأرض الليبية؟".

 

سعادة السفير السابق يرى أن أزمنة كثيرة ماتت في ساحات القتال أو في ردهات المفاوضات. لا بد من جراحة قيصرية في الوعي العربي، ولتكن اسرائيل شقيقتنا و...عشيقتنا!!
 

 
 
2017-02-22