النصرة إلى الواجهة من جديد- معركة دمشق الكبرى!!!

وزارة الإعلام

 

د.بسام أبو عبدالله

لو تذكرنا جميعاً مسار الأحداث خلال السنوات الست الماضية لوجدنا أن القوى المتآمرة على سورية وضعت ضمن خططها موضوع العاصمة (دمشق) وتحدث كثيرون آنذاك عن ما سُمي (ساعة الصفر) التي بلغ عددها مئات الساعات وكانت المجموعات الإرهابية تهدد من خلالها سكان دمشق الأبية، وتطلق عليهم قذائف حقدها الأسود التي لم تستثن جامعة، أو مدرسة، أو مشفى، أو دور العبادة.. وكان الواهمون من أتباع ما يسمى (ثورة سورية) يعتقدون أنه لابد في البداية من احتلال ساحات العاصمة تحت لافتة (الحراك السلمي) انطلاقاً من وصفات (الربيع العربي) المعد صهيونياً- وغربياً، التي طبقت في غير مدينة عربية وأعطت ثماراً مفيدة لأصحاب المشروع الأمر الذي كان بداية لإسقاط الأنظمة السياسية القائمة، ولكن هذه المحاولات فشلت جميعها ما أدى للانتقال إلى الإرهاب الإخواني، الوهابي كأداة جديدة للوصول إلى المطلوب.

 

ترافقت مرحلة الانتقال إلى ما سمي (ساعات الصفر) مع حملة إعلامية نفسية شرسة استهدفت ضرب الروح المعنوية للشعب السوري قادتها وسائل إعلام البترو دولار (العربية، الجزيرة، وغيرها)، وجرت تلك المحاولات مع عملية اغتيال القادة الأربعة في مكتب الأمن الوطني بدمشق حيث كان الاعتقاد السائد آنذاك أن مثل هذه الضربة المعنوية ستؤدي إلى انهيار كامل للنظام السياسي في سورية، ودخول (مجموعات الثوار!) كما يسمونهم إلى دمشق للاستيلاء على السلطة، ولكن هذه المحاولات سقطت على أسوار دمشق، وكانت بداية عملية تنظيف محيط العاصمة من المجموعات المسلحة التي زرعت بعناية، وتخطيط فائقين، وبشكل مدروس وعملياتي.. واتخذت عملية تنظيف محيط العاصمة خطين متوازيين الأول يقوم على عمل عسكري وفق أولويات ميدانية، والثاني على جهد سياسي- اجتماعي لتحقيق مصالحات تحقن دماء السوريين، ونجح هذا الجهد الذي استمر منذ عام 2012 في تحقيق إنجازات مهمة أراحت دمشق، ونقلت الكثير من المضللين إلى ضفة أخرى ضفة الوطن، والاستقرار، والحياة الطبيعية.

 

في كل محاولات المصالحات الوطنية كان المتطرفون، والمرتزقة يعرقلون هذه المحاولات بتأزيم الوضع الأمني، وبالعمليات الإرهابية، ولكن الانسجام بين الجهدين الأمني- العسكري، والسياسي- الاجتماعي كان يُثمر دائماً نتائج أفضل للمواطنين السوريين، وقناعة أكبر بأنه لا جدوى من المضي خلف مشاريع واهمة، ووهمية لا تخدم إلا مشغلي المرتزقة والثورجيين الجدد من أصحاب اللحى الملوثة بدماء الأبرياء.
الآن دعونا نسأل مرة أخرى، من المستفيد من عمليات جبهة النصرة أي (تنظيم القاعدة) في جوبر، ومحيط دمشق الأخيرة؟!

الجواب ببساطة: إن هذه العمليات الإرهابية جاءت بعد إسقاط الطائرات الإسرائيلية التي أوجعت بنيامين نتنياهو، وبعد زيارة محمد بن سلمان إلى معلمه ترامب، وتقديم أوراق اعتماد لأميركا، والسعي المحموم لتعويم جبهة النصرة كقوة سورية (معارضة!) لابد من إشراكها في الجهد السياسي الذي يسير في جنيف! ونتذكر جميعاً أن الولايات المتحدة في زمن أوباما حاولت كثيراً إبعاد النصرة عن الواجهة باعتبارها (قوة ثورية سورية!) كما روج بعض العلمانيين السوريين لدى ما يسمى (معارضة سورية)!

 

الهدف أن جبهة النصرة تريد عبر الميدان القول إنها قوة موجودة على الأرض لا يمكن تجاوزها بمعنى أن إسرائيل، والسعودية أرادتا القول: إن أي تسوية سياسية لابد من أن تأخذ حساباتهما بعين الاعتبار، وإن المجموعات المسلحة المنضوية تحت لافتة (أستانا) ليست صاحبة القرار الميداني، وحتى مجموعات (أستانا) سكتت عما يجري، لكنها تعتقد في الوقت نفسه أن النصرة تريد سحب البساط من تحت أقدام الجميع، وأن تضم تحت جناحيها كل المجموعات المسلحة الأخرى لأن هذا يقوي موقف المفاوضين في جنيف.

بغض النظر عن الأهداف المخفية، والعلنية، وتخرصات هذه الجماعات فإن العلاقة العضوية بين أهداف إسرائيل، وحليفها السعودي، وهذه المجموعات باتت مكشوفة، ومفضوحة، وأن هزيمة هذه الجماعات على أبواب دمشق الأبية ستتم كما هزمت الجماعات نفسها على أبواب حلب، وهو ما سوف يعني الضربة القاضية للمشروع التكفيري- الوهابي على أيدي الجيش العربي السوري والحلفاء.

إن محاولات كسر الطوق الأمني- العسكري في محيط دمشق سوف تبوء بالفشل، وستشكل فرصة لجيشنا، وحلفائنا لضرب وتصفية بؤر الإرهاب الوهابي- الصهيوني في محيط دمشق، وأعتقد أن هذه المعادلات أصبحت واضحة في أذهان الرأي العام السوري الذي بات أكثر التصاقاً بجيشه، ودولته لمواجهة هذا الإرهاب المتوحش الآثم الذي لم يفهم، ولا يريد أن يفهم أن لا مستقبل له على أرض دمشق، وسورية حيث كانت وما زالت هذه الأرض ملهماً للتنور، والتنوع، والخطاب الحضاري الذي يلفظ كل مصطلحات العنف، والقتل، والإرهاب، وعفن التاريخ الذي صنع في مختبرات الغرب، وأدواته في المنطقة.

 

القتل أيها السادة ليس رسالة حضارية، أو رسالة لمعارضة سياسية تدعي منذ سنوات أنها تريد (الكرامة) وهي من دون كرامة، ومجرد أداة بيد الإسرائيلي، والسعودي وغيرهما، وتريد (الحرية) وهي مكبلة بأيديولوجيات جاهلية من غابر التاريخ، ولا تصلح للقرن الحادي والعشرين، وتريد (الديمقراطية) ولا تؤمن بالعمل السياسي وبالبرامج، وبالانتخابات، فكيف يمكن لمثل هؤلاء أن يقنعوا فأراً بما يطرحون، ويمارسون، وبمن يرتبطون!

 

وإذا كان أولئك الذين سوف يجلسون في جنيف ممن يسمون (معارضة) ما زالوا يعيشون أوهاماً، ووعوداً مع كل جولة من التفاوض، فالنصيحة لهم أن يفهموا أن مآل النصرة، وغيرها من تنظيمات القتل، والإرهاب هو الفناء، وإن طال الزمن، وأسوار دمشق مغلقة أمام القتلة والمجرمين، ومفتوحة دائماً للحضارة، والتنور، والتنوع، والحوار وما عليهم سوى الاختيار.

2017-03-23