الفجور الإعلامي بنسخته التجريبية..!!

وزارة الإعلام

 

 

علي قاسم

تستفيق القنوات الشريكة بسفك الدم السوري بعد طول صمت من غفلتها، وتعود بما هو أشد من الغفلة ذاتها، لكن على رؤوس من تابعها أو من بقي يتابعها..!! حيث لم تبقَ لهم من أصابع الاستدلال إلا تلك الخيبة المرتسمة على وجوه تكفهر بعد كل فيض من أكاذيبها وفبركاتها المهووسة بالتمنيات وأضغاث الأحلام.
وعلى شك بطعم خبيث ينبت يقين الرذيلة فيها جزءاً من تراكم في الحقد والضغينة التي أفقدتها ألف باء الإعلام، وتحولت إلى ماخور مرتزقة يجترّون من بحور أكاذيبها قصة تحالفات ماتت منذ لحظة إطلاقها، ونفض الغبار عنها مجرد لعب إضافي بأصابع تحترق بالنار التي أرادت إشعالها.‏


فلم تكتف بما آلت إليه تجاربها الماضية من انحسار تلمسه في مختلف جوانب ريادة فاشلة ومخزية، بل تفتح سياقاً تجريبياً جديداً، تعيد خلاله النفخ في قربتها المثقوبة وبالطريقة ذاتها، رغم الإدراك بأن إعادة التجريب ليست سوى إنتاج لفتات الهزيمة، التي تكابر في الاعتراف بها على منصة لا تقوى على احتمال اهتزازات أخذت ما تبقى من ملامح البقاء أو الاستمرار.‏
فالسوريون الذين خبروا على مدى السنوات الماضية ذلك الفجور المتعمد في كل تفاصيله، لم يكن لديهم متسع من الوقت لإضاعته في متابعة تلك الترهات، ولم تعد حفنة إضافية أخرى من ذلك الفجور مجدية في تغيير ما أرسته تجربة باتت جزءاً من القناعة الفعلية، التي يتشارك فيها السوريون بمختلف جوانبها وبالتفصيل المسهب، والتي تحولت في سياق خبراتهم المتواضعة كما يصفونها إلى عامل من عوامل الحصانة الذاتية، التي يصعب خرقها أو الوصول إليها تحت أي عنوان أو شعار، بحيث لم تكن هناك حاجة لدى الكثيرين منهم حتى للرد أو الدحض، فالوقائع على الأرض تدحضها وتجربتهم تكفي للرد.‏


اللافت أن تبدلات المشهد بين ساعة وأخرى كانت كافية لقياس الفجوة الهائلة في جدار الأكاذيب التي اتكأت عليه تلك القنوات، ولتدرك الفارق الكبير بين كذب يمضي وآخر يقيم معها وبين جنباتها، ومع ذلك أصرّت على أن تكون في كفة واحدة من دون تعديل، في تعويل على وهم يتورم كل يوم حتى تحوّل إلى حالة مرضية استعصت معها كل الطرق والأساليب، وباتت تنقل عدوى استفحالها يميناً وشمالاً وفي كل اتجاه ومن دون توقف، والأغرب أنها حتى اللحظة مستعدة للعودة إلى اجترار الأكاذيب ذاتها.‏
ما يثير.. لم يعد ذلك الدور الوظيفي الذي انتهت صلاحية استخدامه منذ سنوات، بقدر ما يعكس واقعاً تريد خلاله تلك القنوات أن تعيد التجريب على أساس مهمة وظيفية قادمة يتم الإعداد لها بهدوء، أساسها تلك التسريبات عن التحالفات الجديدة ونفض الغبار عن مصطلح الاعتدال، ليكون الحامل الإضافي في تلك المهمة الوظيفية، وعلى أساس أنها رأس حربة الترويج لها وما يتطلبه من أكاذيب وفبركات، بحيث يكون ما جرى عينة من اختبار لمدى قدرتها على الكذب وخلق حالات افتراء على الواقع، ومن دون الحاجة إلى أي تعديل في المنظومة بأبعادها المختلفة.‏


وهذا ما نجده في سياق الموقف من الاعتداء الإسرائيلي، وفي إطار المقاربة التي تقدمها للتحالف مع الإسرائيلي بقيادة تركية، يكون فيها نظام أردوغان الواجهة السياسية لحرب تحضر فيها الأبعاد الطائفية كبديل لعوامل الصراع الوجودي مع "إسرائيل" وتعميمه على المنطقة، بعد أن شعرت أن توظيف الإرهاب ليكون المفجر لذلك الصراع فشل في تحقيق ما تعمل عليه منظومة العدوان، فتتحضر خلاله في بروفة ذات طابع تجريبي، أعاد رسم الأخطاء والمغالطات ذاتها، مع إضافاتها المرضية المتراكمة.‏
الفجور الإعلامي في اليومين الماضيين يفتح دفاتره القديمة، كما لم يفعلها منذ سنوات، ومارست بعض وسائله مشهداً متكرراً من الكذب الفاضح والافتراء على الحقيقة والواقع وعلى الإعلام ذاته، حين لم يكتفِ ببث الأكاذيب والفبركات، وإنما في الإصرار على الاجترار فيها واللعق من القاع الآسن ذاته الذي جربته على مدى سنوات ست مضت، ومن دون طائل في تجريب يحمل عوامل فنائه الذاتية وأدوات تفجيره الموضوعية.‏


فالمسألة لا تتعلق بسلوك مشين بات عبئاً على المنظومة الإعلامية وذهب بالإعلام وكل ما فيه إلى درك لم يصله يوماً، وإنما في سياق تجربة باتت تفرض إيقاعها على الحالة الإعلامية وتداعياتها على السياسة التي تنفذ أجنداتها، حيث الكذب لا يقتصر على الوقائع، بل ينسحب أيضاً على القرائن والمعطيات وكل ما يتصل بـ "بروباغندا" فقدت مبررات وجودها، كما فقدت عوامل تأثيرها، وباتت عبئاً ثقيلاً على المنظومة التي تمثلها أو تعبر عنها.‏

 
 
2017-03-21